العكس فيه ، فلو لا المخصص لم يكن لتقديم ما قدم وتأخير ما أخر وجه ، ولأن
العالم بفعله وغرضه به يخصه مع خلوة من السهو والغفلة ، وكونه مخلا بينه وبين
الإرادة يجب كونه مريدا.
وهذه حاله سبحانه
، فهو مريد على الحقيقة ، ولأنه أمر بالطاعة ونهى عن المعصية ، فلو لا أنه مريد
لما أمر به كاره لما نهى عنه ، لم يتميز الأمر ولا النهي من غير هما ، ولا كان
لكونه آمرا وناهيا وجه ، ويستحيل استحقاقهما لذاته وإلا لزم قدم المرادات واجتماع
المتضادات للذات ولمعنى قديم ، لأنه لا قديم سواه ، ولمعنى محدث حاله فيه ، لاستحالة
كونه محلا للحوادث وفي غيره ، لوجوب رجوع حكمه إليه إن كان حيا واستحالته في
الجماد ، فلا بد من وجود هما لا في محل.
وما لا يجوز عليه
تعالى مما يجب نفيه عنه ، فمنه ما لفظه ومعناه يفيد السلب ، وهو نفي المائية المحكية عن
ضرار بن عمرو لأنه لا حكم يدل على ثبوتها ولا طريق إلى صحتها ، والأصح
إثبات الكيفية والكمية ، وهو جهالة ، ونفي الجسمية والجوهرية والعرضية ، لما ثبت
من قدمه وحدوث ذلك أجمع ، فلو لا استحالة كونه بصفة شيء منها لوجب حدوثه أو قدمها
، لثبوت المشاركة في الحقيقة ، ولأنه فاعل ما فعل من ذلك اختراعا ، فلو كان مثلها
تعذر عليه إنشاؤها واختراعها ، كما تعذر على غيره.
__________________