وإذاً فالرجل ـ وإن لم يتعمّدها ـ فيلسوف بمادّته وإن خالف الفلاسفة في أنَّ هؤلاء قد غلب عليهم أن يقيموا لفكرتهم نسقاً علىٰ صورة مبدأ ونتائجه ، وأمّا هو فقد نثر القول نثراً في دواعيه وظروفه (١).
أمّا صبحي الصالح فيقول في مقدّمته : منذ أن تصدّىٰ الشريف الرضي لجمع ما تفرّق من كلام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ووسمه : « نهج البلاغة » أقبل العلماء والأُدباء علىٰ ذلك الكتاب بين ناسخ له يحفظ نصّه في لوح صدره ، وشارح له ينسم الناس عن تفسيراته وتعليقاته (٢).
ويقول الكاتب لبيب بيضون ـ الكاتب السوري المعروف ـ في تصنيفه للـ « نهج » : لا يشكّ أديب أو مؤرّخ أو عالم ديني أو اجتماعي في ما لـ « نهج البلاغة » من قيمة جلّىٰ ، وإنّه في مصافِ الكتب المعدودة ، والّتي تعتبر من أُمّهات الكتب ...
كيف لا ؟! و « نهج البلاغة » هو كلام أمير المؤمنين ، ذلك الإمام الّذي كان قدوة مثالية للمسلمين ، ونبراساً رائداً للمؤمنين ، حتّىٰ إنّ الخليل بن أحمد حين سئل عنه : ما تقول في الإمام عليّ ؟ قال قوله المأثور : احتياج الكلّ إليه واستغناؤه عن الكلّ دليل علىٰ أنّه إمام الكلّ في الكلّ ...
ثمّ قال : إنّ « نهج البلاغة » هو أعظم كتاب أدبي وديني وأخلاقي واجتماعي بعد القرآن والحديث النبوي الشريف ، وهو أحد المصادر الأربعة الّتي لا غنىً للأديب العربي عنها ، وهي : القرآن الكريم ، ونهج البلاغة ، والبيان والتبيين للجاحظ ، والكامل للمبرّد (٣).
__________________
(١) المعقول واللامعقول في التراث العربي : ٣٠.
(٢) نهج البلاغة ـ تعليق صبحي الصالح ـ : ١٨.
(٣) تصنيف نهج البلاغة : ٧.