بأموالهم ، ويمنّون بدينهم علىٰ ربّهم ، ويتمنّون رحمته ، ويأمنون سطوته ويستحلّون حرامه بالشبهات الكاذبة والأهواء الساهية... ـ إلىٰ قول عليّ عليهالسلام : قلت : يا رسول الله ! فبأي المنازل أنزلهم عند ذلك ؟ أبمنزلة ردّة ، أم بمنزلة فتنة ؟ فقال : بمنزلة فتنة (١).
والمراد بالفتنة بالنسبة للمسلمين هو : الاختبار والامتحان ، ليعلمنّ الله الّذين صدقوا في دينهم وليعلمنّ الكاذبين ، كما جاء في قوله تعالىٰ :
( أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ) (٢).
والبغاة من المسلمين ـ كأهل صفّين وغيرهم من الّذين قاتلوا عليّاً عليهالسلام ـ هم من الّذين فُتنوا ، وجاروا أثر ذلك من الحقّ إلىٰ الباطل ، وقد جاء الأمر الإلهي بقتالهم كما في قوله تعالىٰ ( فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي ) (٣) ، وكذلك جاء الأمر النبوي للمسلمين بقتالهم ونصرة عليّ عليهالسلام كما في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « يا عليّ ! ستقاتلك الفئة الباغية وأنت علىٰ الحقّ فمَن لم ينصرك يومئذ فليس منّي » (٤).
وقد فرّق الإمام عليّ عليهالسلام في حروبه ـ كما هو الثابت تاريخياً ـ في الإجهاز علىٰ الجريح واتّباع المُدبِر وقتل الأسير بين مَن كان له فئة يرجع إليها ، ومَن لم يكن كذلك..
فأمّا الّذين كانت لهم فئة يرجعون إليها فقد قاتلهم مُقبلين ومُدبرين ،
__________________
(١) نهج البلاغة ـ تعليق الشيخ محمّد عبده ـ ٢ / ٥٠.
(٢) سورة العنكبوت : الآيتان ٢ و ٣.
(٣) سورة الحجرات : الآية ٩.
(٤) تاريخ دمشق ١٢ / ٤٧٣ ، كنز العمّال ١١ / ٣٥١ و ٦١٣ ، سبل الهدىٰ والرشاد ١١ / ٢٩٦.