فصل في القرآن المجيد ، لاشتمالها على المعاني في القرآن من الثناء على الله بما هو أهله ، ومن التعبد بالأمر والنهي والوعد والوعيد فكأنه نشأ وتولد منها بالتفصيل بعد الإجمال ، كما سميت مكة أُمَ القرى لأن الأرض دحيت منها.
قوله : ( هُنَ أُمُ الْكِتابِ ) [ ٣ / ٧ ] ولم يقل أمهات الكتاب لأنه على الحكاية وهي كما يقول الرجل : ليس لي معين ، فتقول نحن معينك فتحكيه ، وكذلك قوله ( وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً ) [ ٢٥ / ٧٤ ]
وَعَنِ الصَّادِقِ عليهالسلام فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً ) قَالَ « إِيَّانَا عَنَى » ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ أَنَّهُ قَالَ : « هَذِهِ فِينَا ». وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَصِيرٍ أَنَّهُ قَالَ ( وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً ) فَقَالَعليهالسلام : « سَأَلْتَ رَبَّكَ عَظِيماً إِنَّمَا هِيَ وَاجْعَلْ لَنَا مِنَ الْمُتَّقِينَ إِمَاماً ».
قوله : ( إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً ) [ ٢ / ١٢٤ ] أي يأتم بك الناس فيتبعونك ويأخذون عنك ، لأن الناس يَأُمُّونَ أفعاله أي يقصدونها فيتبعونها ويقال للطريق إِمَامٌ ، لأنه يُؤَمُ أي يقصد ويتبع.
قوله : ( وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ ) [ ١٥ / ٧٩ ] أي لبطريق واضح.
والإِمَامُ : الكتاب أيضا ، قال تعالى ( يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ ) [ ١٧ / ٧١ ] أي بكتابهم ، ويقال بدينهم ، ويقال بمن ائْتَمُّوا به من نبي أو إمام أو كتاب وَفِي حَدِيثِ الشِّيعَةِ ، وَقَدْ قَالَ لَهُمُ الصَّادِقُ عليهالسلام « أَلَا تَحْمَدُونَ اللهَ تَعَالَى إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ فَدَعَا كُلَّ قَوْمٍ إِلَى مَنْ يَتَوَلَّوْنَهُ وَفَزِعْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآله وَفَزِعْتُمْ إِلَيْنَا ، أَيْنَ تَرَوْنَ يُذْهَبُ بِكُمْ؟ إِلَى الْجَنَّةِ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ » قَالَهَا ثَلَاثاً.
قوله : ( يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ ) [ ٧٥ / ٥ ] أي ليدوم على فجوره فيما بين يديه من الأوقات ، وفيما يستقبله من الأزمان لا ينزع منه ، وقيل معناه يقدم الذنب ويؤخر التوبة ، يقول سوف أتوب سوف أتوب إلى أن يأتيه الموت على أسوإ حالة.
قوله : ( وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا ) [ ٢١ / ٧٣ ] أي حكمنا لهم بالإمامة ومثله ( وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ) [ ٢٨ / ٤١ ].