فائدة معلومة هي أنه قد لا يتعين لنا قول الإمام في كثير من الأوقات فيحتاج إلى اعتبار الإجماع ليعلم بإجماعهم أن قول المعصوم داخل فيهم ، ولو تعين لنا قول المعصوم الذي هو الحجة لقطعنا على أن قوله هو الحجة ولم نعتبر سواه على حال ... إلى أن قال : إذا كان المعتبر في باب كونه حجة هو قول الإمام المعصوم فالطريق إلى معرفة قوله شيئان : « أحدهما » السماع منه والمشاهدة لقوله ، و « الثاني » النقل عنه بما يوجب العلم فيعلم بذلك قوله أيضا. هذا إذا تعين لنا قول الإمام ، فإذا لم يتعين ولم ينقل عنه نقل يوجب العلم ويكون قوله في جملة أقوال الأمة غير متميز منها فإنه يحتاج أن ينظر في أحوال المختلفين ، فكل من خالف في من يعلم نسبه ويعرف منشؤه عرف أنه ليس بالإمام الذي دل الدليل على عصمته وكونه حجة ووجب اطراح قوله ، وتعتبر أقوال الذين لا يعرف نسبهم لجواز أن يكون كل واحد منهم الإمام الذي هو الحجة. ثم أطنب الكلام في هذا الباب ، فمن أراد الاطلاع عليه قصده.
( جوع )
قوله تعالى : ( الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ ) [ ١٠٦ / ٤ ] الجُوعُ هو الألم الذي ينال الحيوان من خلو المعدة عن الغذاء.
وَفِي الْخَبَرِ « وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُوعِ فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ ».
المراد بالجُوع هنا الذي يشغل عن ذكر الله ويثبط عن الطاعة لمكان الضعف ، وأما الجوع الذي لا يصل إلى هذه الحالة فهو محمود بل هو سيد الأعمال كما جاءت به الرواية ، وذلك لما فيه من الأسرار الخفية كصفاء القلب ونفاذ البصيرة ، لما
رُوِيَ « أَنَّ مَنْ أَجَاعَ بَطْنَهُ عَظُمَتْ فِكْرَتُهُ وَفَطَنَ قَلْبُهُ ».
ومنها رقة القلب ، ومنها ذل النفس وزوال البطر والطغيان ، ولما فيه من طعم العذاب الذي به يعظم الخوف من عذاب الآخرة وكسر سائر الشهوات التي هي ينابيع المعاصي ، ولما فيه من خفة البدن للتهجد والعبادة ، ولما فيه من خفة المئونة وإمكان القناعة