بوادره حتّى دخل على
خديجة فقال : زمّلوني ، زمّلوني ، فزمّلوه حتّى ذهب عنه الروع فقال : يا خدجة ، ما
لي؟ ... ثُمّ انطلقت به خديجة حتّى أتت به ورقة بن نوفل ابن أسد بن عبد العزّى بن
قصي ، وهو ابن عمّ خديجة أخو أبيها ، وكان امرءاً تنصّر في الجاهلية ، وكان يكتب
الكتاب العربي ، فيكتب بالعربيّة من الإنجيل ما شاء الله أنْ يكتب ، وكان شيخاً
كبيراً قد عمي ، فقالت له خديجة : أي ابن عمّ ، اسمع من ابن أخيك ، فقال ورقة :
ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
ما رأى ، فقال ورقة : هذا الناموس الذي أنزل على موسى ، يا ليتني فيها جذعا أكون
حيّا حين يخرجك قومك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
: أو مخرجي هم؟ ... » .
فهل يعقل أنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يكن يعلم
بأنّ ما أنزل عليه كان النبوّة ، وأنّ ورقة بن نوفل ـ النصراني ـ هو الذي أعلمه
بذلك ، وأنّه أعلم منه؟؟ وهل يعقل أنْ يرسل الله سبحانه وتعالى رسولاً لا يعرف
الوحي من غير الوحي.
روى مسلم في صحيحه ، حدّثني أحمد بن
عمرو بن عبد اخ بن عمرو بن سراح ، أخبرنا ابن وهب قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب
قال : حدّثني عروة ابن الزبير أنْ عائشة زوجة النبيّ صلّى الله عليه وسلم أخبرته
أنّها قالت : « ثُمّ كان أول ما بدئ به رسول الله صلّى الله عليه وسلم من الوحي
الرؤيا الصادقة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، ثُمّ حببّ
إليه الخلاء ، فكان يخلو بغار حراء يتحنث فيه وهو التعبّد الليالي أولات العدد قبل
أنْ يرجع إلى أهله ويتزود لذلك ، ثُمّ يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتّى فجئه
الحقّ وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال اقرأ ، قال : ما أنا بقارئ ، فأخذني
فغطّني حتّى بلغ منّي الجهد ، ثُمّ أرسلني فقال : اقرأ.
قال : قلت : ما أنا بقارئ ، قال :
فأخذني فغطّني الثانية حتّى بلغ منّي الجهد ، ثُمّ
__________________