ومن تخلّف عنها غرق » (١).
قال المناوي في فيض القدير : ( إنّ مثل أهل بيتي ) فاطمة وعليّ وابنيهما وبنيهما أهل العدل والديانة ( مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك ) وجه التشبيه : أنّ النجاة ثبت من قوم نوح لأمّته بالتمسّك بأهل بيته للنجاة وجعلهم وصلة إليها ، ومحصوله الحثّ على التعلق بحبّهم وحبلهم وإعظامهم شكراً لنعمة مشرّفهم والأخذ بهدي علمائهم ، فمن أخذ بذلك نجا من ظلمات المخالفة ، وأدّى شكر النعمة المترادفة ، ومن تخلّف عنه غرق في بحار الكفران ، وتيّار الطغيان ، فاستحقّ النيران ، لما أنّ بغضهم يوجب النار ، كما جاء في عدّة أخبار ، كيف وهم أبناء أئمّة الهدى ، ومصابيح الدجى ، الذين احتجّ الله بهم على عباده ، وهم فروع الشجرة المباركة ، وبقايا الصفوة الذين أذهب عنهم الرجس وطهرّهم وبرّأهم من الآفات ، وافترض مودّتهم في كثير من الآيات ، وهم العروة الوثقى ، ومعدن التقى ، واعلم أنّ المراد بأهل بيته في هذا المقام العلماء منهم ، إذ لا يحثّ على التمسّك بغيرهم ، وهم الذين لا يفارقون الكتاب والسنّة حتّى يردوا معه على الحوض (٢).
ولذلك نقول : إنّ معنى الحديث : أنّهم ـ أي أهل البيت عليهمالسلام ـ هم سفن النجاة ، وأنّ من ركب سفينة أهل البيت ، ولا يكون الركوب معهم في سفينتهم سفينة النجاة ، إلا بالاتّباع والاقتداء ، فإنّ من ركب سفينة أهل البيت ، واتّبعهم واقتدى بهم ، فإنّه يأمن من الهلاك والغرق ، ولذلك هم الأحقّ بالاتّباع والاقتداء بحسب ما دلّت عليه الأحاديث الصحيحة ، منها هذا الحديث ، حديث السفينة.
وهنا أيضاً ما يدلّ على اتّباعهم والاقتداء بهم أخرجه ابن جرير ، وابن مردويه ، وأبو نعيم في المعرفة ، والديلمي ، وابن عساكر ، وابن النجار قال : لمّا نزلت
__________________
(١) المستدرك ٣ : ١٥٠.
(٢) فيض القدير ٢ : ٦٥٨.