تصورها ، وربما رأيت المني قد ملأ إزار ذلك المحب عند صعقته وحمقى العامة حوله قد ملئوا أرداءهم بالدموع لما رققهم من حاله (١). قوله : ( نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ) [ ٥ / ١٨ ] أي أشياع ابنيه المسيح وعزير ، أو مقربون عنده قرب الأولاد من والدهم. قوله : ( وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ ) [ ٥٥ / ١٢ ] قال المفسر : الحَبُ الحنطة والشعير [ والحُبُوب ] ، والعصف التبن ، والريحان ما يؤكل منه (٢). قوله : ( وَحَبَ الْحَصِيدِ ) [ ٥٠ / ٩ ] فسر بالحنطة. قوله : ( يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ ) [ ١٤ /٣ ] أي يختارونها.
وَفِي الْحَدِيثِ « إِذَا أَحْبَبْتُ عَبْدِي كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ ».
إلى آخره. قيل أي أجعل سلطان حُبِّي غالبا عليه حتى يسلب عنه الاهتمام بشيء غير ما يئوب به إلي ، فيصير منخلعا عن الشهوات ذاهلا عن الحظوظ واللذات ، فلا يرى إلا ما يُحِبُّه ولا يسمع إلا ما يُحِبُّه ولا يعقل إلا ما يُحِبُّه ، ويكون الله سبحانه في ذلك له يدا مؤيدا وعونا ووكيلا ، يحمي سمعه وبصره ويده ورجله عما لا يرضاه ـ انتهى وهو جيد. وذكر بعض الشارحين أن هذا مبالغة في القرب وبيان لاستيلاء سلطان المَحَبَّةُ على ظاهر العبد وباطنه وسره وعلانيته ، فالمراد أني إذا أَحْبَبْتُ عبدي جذبته إلى محل الأنس وصرفته إلى عالم القدس ، فصيرت فكره مستغرقا في أسرار الملكوت وحواسه مقصورة على اجتذاب أنوار الجبروت ، فثبت حينئذ في مقام القرب قدمه وتميز بِالْمَحَبَّةِ لحمه ودمه إلى أن يغيب عن نفسه ويذهل عن حسه
__________________
(١) لم نجد هذا الكلام المنقول عن الحسن في الكشاف وإن كان يذكر فيه طرفا من مخازي الصوفية وادعاءاتهم الباطلة في تفسير الآية المذكورة ـ انظر الكشاف ج ١ ص ٥٠٢.
(٢) تفسير علي بن إبراهيم ص ٦٥٨.