ومكمن الأشكال هنا هو أن هذه الروايات معتمدة عند أهل السنة وحدهم ، فهي صحيحة بطرقهم هم ، لا بطرق الفرق والاتجاهات الأخرى ، إلاّ أن حالة الأمن والتمكن التي عاشوها في ظل الحكام جعلت لهم السيادة ، ويسرت لهم احتكار الدين والتحدث بلسانه وإغلاق المنافذ الأخرى التي اعتبرت منافذ غير شرعية تضل الناس عن سبيل الله.
من هنا كان المخالفون لأهل السنة على مر التاريخ هم أهل بدعة وضلالة وهوى وزندقة يجب عزلهم عن الواقع وطالما استمروا على بدعتهم فهم غير معصومي الدم والمال ، أي مستباحين لأهل السنة وللحكام ، وهو ما حدث بالأمس واليوم (١).
وهذا التصوّر هو ما نراه واضحاً من خلال ما طرحه ابن حنبل ، وما طرحه غيره من فقهاء فرق أهل السنة.
__________________
تعارض العقل والنقل لابن تيمية. وتلبيس إبليس لابن الجوزي. والاعتصام للشاطبي. وهذه الكتب وغيرها إنما هي موجهة للفرق الأخرى المخالفة.
١ ـ حشدت لنا المصادر التاريخية الكثير من الحوادث التي راح ضحيتها الشيعة وغيرهم من خصوم أهل السنة. أنظر ملحق رقم ٢ من هذا الكتاب.
وأنظر لنا كتاب مدافع الفقهاء. وكتاب الكلمة والسيف وقد عرضنا فيه نماذج كثيرة من شهداء الرأي من مختلف الفرق الإسلامية.
وقد حدثت اعتداءات كثيرة من فرقة الوهابية على المخالفين في جزيرة العرب وشكلت الوهابية فرقاً لغزو العراق وهدم مقامات أهل البيت هناك وقامت هذه الفرق بقتل النساء والشيوخ والأطفال والاستيلاء على ما في المساجد من تحف ومقتنيات. انظر لنا مدافع الفقهاء وتاريخ الوهابيين أيوب صبري وهو مترجم عن التركية.