إذا أضيفت هذه اللفظة إلى الله تعالى فمنه ما يجوز إطلاقه عليه ومنه ما لا يجوز ، فأما ما يجوز من ذلك فهو ما أفاد النسخ بعينه ، ويكون إطلاق ذلك عليه على ضرب من التوسع ، وعلى هذا الوجه يحمل جميع ما ورد عن الصادقين (ع) من الأخبار المتضمنة لأضافة البداء إلى الله تعالى ، دون ما لا يجوز عليه من حصول العلم بعد أن لم يكن ، ويكون وجه إطلاق ذلك عليه والتشبيه هو : أنه إذا كان ما يدل على النسخ يظهر به للمكلفين ما لم يكن ظاهرا ويحصل لهم العلم به بعد أن لم يكن حاصلا وأطلق على ذلك لفظ البداء. قال : وذكر سيدنا المرتضى ـ قدس روحه ـ وجها آخر في ذلك ، وهو أن قال : يمكن حمل ذلك على حقيقته ، بأن يقال : « بَدَا لله » بمعنى أنه ظهر له من الأمر ما لم يكن ظاهرا له ، وبدا له من النهي ما لم يكن ظاهرا له ، لأن قبل وجود الأمر والنهي لا يكونان ظاهرين مدركين ، وإنما يعلم أنه يأمر أو ينهى في المستقبل ، فأما كونه آمرا وناهيا فلا يصح أن يعلمه إلا إذا وجد الأمر والنهي ، وجرى ذلك مجرى أحد الوجهين المذكورين في قوله تعالى : ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ ) بأن تحمله على أن المراد به : حتى نعلم جهادكم موجودا ، لأن قبل وجود الجهاد لا يعلم الجهاد موجودا ، وإنما يعلم كذلك بعد حصوله ، فكذلك القول في البداء (١) ثم قال : وهذا وجه حسن جدا.
و « ابتداء بدء الأمور بيده » ـ بمفتوحة ثم ساكنة وهمزة ـ أي ابتداء أوائل الأمور بقدرته.
والبَدِيُ ـ بالتشديد ـ : الأول ، ومنه : « الحمد لله بَدِيّاً ».
وقولهم : « أفعل ذلك بَدِيّاً » أي أول كل شيء.
والبَدِيُ : البئر التي حفرت في الإسلام وليست بعادية.
ومنه : « حريم البئر البَدِيّ خمسة
__________________
(١) يذكر في « سلط » حديثا في البداء ـ ز.