عند أهل اللغة ولا
عند العقلاء ، والاعتراض عليهم بقوله : ( تلك أمّة قد خلت ) أنّه إذا لم تشكوا أنّ يكون فرضهم غير
فرض الأمّة التي قد خلت قبلكم ، ولا تحتجّوا بأنّه لا يجوز أنّ يخالفوا عليه ، ولو
سلم لكم أنّهم كانوا على ما تذكرونه ما جاز لكم أنّ تتركوا ما نقل لكم الله عنه
على لسان رسوله محمّد صلّى الله عليه وآله ، إذ لله تعالى أن ينسخ من الشريعة ما
شاء على ما يعلم في ذلك من وجوه الحكمة ، وعموم المصلحة.
وقيل : أن ذلك ورد مورد الوعظ لهم بأنّه
: إذا كان لا يؤخذ الإنسان إلّا بعمله فينبغي أن تحذروا على أنفسكم ، وتبادروا بما
يلزمكم ، ولا تتكلوا على فضائل الأباء والأجداد ، فإنّ ذلك لا ينفعكم إذا خالفتم
أمر الله فيما أوجب عليكم.
والمعني بقوله : ( تلك أمّة
قد خلت )
على قول قتادة والربيع : إبراهيم عليه السلام ومن ذكر معه.
وعلى قول الجبائي ، وغيره : من سلف من
آبائهم الذين كانوا على ملّتهم اليهودية والنصرانية.
وقد بيّنا فيما مضى أنّ الأمّة : الجماعة
التي تؤم جهة واحدة كأمّة محمّد صلّى الله عليه وآله التي تؤم العمل على ما دعا
إليه ، وكذلك أمم سائر الأنبياء صلّى الله عليه وعليهم.
والخلاء الفراغ يقال : فرغ من عمله ، وفرغ
من مكانه. وإنّما قيل لما مضى : خلا ؛ لأنّه خلا منه مكانه.
والكسب : الفعل الذي يجرّ لفاعله نفعاً
أو يدفع به ضرراً. وإنّما قيل : كسب السيئة ؛ لأنّه أجلب النفع عاجلاً.