ـ « لقد عبّرت الآية بتعبير موجز عن هذه الدعوة فقال تعالى : ( تَعالَوْا نَدْعُ .. ) بمعنى تعالوا كي ندعو نحن وأنتم خاصتنا وأهلينا للمشاركة في الإبتهال. ولعله لبيان شدّة الاطمئنان قدمت الآية ذكر الأبناء ، ثُمّ ذكرت النساء ، ثُمّ ذكرت الخاصّة ، باعتبار أنّ عناية الإنسان بحفظ ولده الصغير والغيرة على نسائه أشد منها بالنسبه لسائر خاصته ».
ـ « وهل أكدت الروايات على وقوع مثل هذه الحادثة قطعياً؟ ».
ـ « لقد اتفقت الروايات وأطبق المفسرون والمؤرخون على أن رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم دعا وفد النصارى إلى المباهلة ، وأحضر بنفسه أهل بيته علي وفاطمة والحسنين عليهمالسلام ، إلاّ أن النصارى أحجموا عن المباهلة عندما شاهدوا هؤلاء الصفوة ، واقترحوا أن يعطوا الجزية ، فقبل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ذلك منهم ».
ـ « وهل يمكن أن تعود الآية بالفضل الكريم على صاحب الرسالة؟ ».
ـ « إنّ مما لاريب فيه أنّ الآية تدلّ على فضل عظيم وكرامة باهرة لأهل بيت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو أمر اعترف به أعاظم المفسرين والمحدّثين من السنّة ، بعد أن اعترفوا باتفاق الرواة وصحة رواياتهم في ذلك فقد قال العلامة الجصاص في أحكام القرآن : نقل رواة السير ونقلة الأثر ـ لم يختلفوا فيه ـ أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أخذ بيد الحسن والحسين وعلي وفاطمة ـ رضياللهعنهم ـ ثُمّ دعا النصارى الذين حاجوه إلى المباهلة ، فأحجموا عنها ، وقال بعضهم لبعض : إن باهلتموه اضطرم الوادي عليكم ناراً ، ولم يبق نصراني ولا نصرانية إلى يوم القيامة » (١).
____________
(١) أحكام القرآن ٢ : ١٤ ، وأُنظر تفسير الرازي لذيل الآية ، الكشاف الزمخشري ١ : ٣٧٠ ، روح المعاني للآلوسي ٣ : ١٦٧.