الخلافة بالقوّة والقهر.
قال مالك في ذلك : ثمّ فاتحني في العلم والفقه فوجدته أعلم الناس ، ثمّ فاتحني في من مضى من السلف والعلماء فوجدته أعلم الناس بالناس.
ولا شكّ بأنّ أبا جعفر المنصور بادل الإمام مالكاً نفس الشعور وأطراه بنفس الإطراء ، إذ قال له مرة في لقاء قبل هذا : وأيم الله ما أجدُ بعد أمير المؤمنين أعلم منك ولا أفقه (١) ويقصد بأمير المؤمنين ( نفسه طبعاً ).
وممّا سبق نفهمُ بأن الإمام مالكاً كان من النواصب ، إذ إنه لم يكن يعترف بخلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أبداً ، وقد أثبتنا فيما تقدّم بأنّهم أنكروا على أحمد بن حنبل الذي ربّع الخلافة بعلي ، وأوجب له ما يجب للخلفاء قبله ، وغنيّ عن البيان بأنّ مالكاً هلك قبل مولد ابن حنبل بكثير.
أضف إلى ذلك أنّ مالكاً اعتمد في نقل الحديث على عبد الله بن عمر الناصبي ، الذي كان يحدّث بأنّهم لا يعدلون في زمن النبيّ بأبي بكر أحداً ، ثمّ عمر ، ثمّ عثمان ، ثمّ الناس بعد ذلك سواسية.
وعبد الله بن عمر هو أشهر رجال مالك ، وأغلب أحاديث الموطّأ تعود إليه ، وكذلك فقه مالك.
خامساً : نلاحظ بأنّ السياسة التي قامت على الظّلم والجور تريد أن تتقرّب إلى الناس بما يُرضيهم من الفتاوى التي ألفوها ، ولا تكلّفهم الالتزام بالنّصوص القرآنية أو النبويّة.
__________________
١ ـ تاريخ الخلفاء لابن قتيبة ٢ : ١٩٣.