أهل البيت عليهمالسلام ، الذين أذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، أقدّمه ليكون دليلاً على أعلميّة هؤلاء الأطهار ، وسعة معارفهم ، وقدرتهم على الإمساك بأزّمة الدين وعلومه.
كان للإمام جعفر بن محمّد الصادق موقف جاد وصارم من أبي حنيفة النعمان ، عندما بلغه أنّ الرجل يستعمل القياس برأيه ، ففي رواية أنّه قال لأبي حنيفة لمّا دخل عليه : « من أنت ؟ »
قال : أبو حنيفة.
قال : مفتي أهل العراق ؟
قال : نعم.
قال : بمَ تفتيهم ؟
قال : بكتاب الله.
قال : وإنّك لعالم بكتاب الله ، ناسخه ومنسوخه ، ومحكمه ومتشابهه ؟
قال : نعم.
قال : فأخبرني عن قول الله عز وجل : ( وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ ) (١) أي موضع هو ؟
قال أبو حنيفة : هو ما بين مكّة والمدينة. فالتفت أبو عبد الله عليهالسلام إلى جلسائه وقال : نشدتكم بالله هل تسيرون بين مكة والمدينة ولا تأمنون على دمائكم من القتل ، وعلى أموالكم من السرقة ؟
فقالوا : اللهم نعم.
فقال أبو عبد الله : ويحك يا أبا حنيفة ! إنّ الله لا يقول إلّا حقّاً ، أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ : ( وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ). أي موضع هو ؟
_________________
(١) سبأ : ١٨.