« أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفْد بنحو ما كنت أجيزهم » ونسيتُ الثَّالثة.
نعم ، هذه هي رزيّة يوم الخميس التي لعب فيها عمر دور البطولة ، فعارض رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومنعه أنّ يكتب ، وبتلك الكلمة الفاحشة التي تعارض كتاب الله ، ألا وهي أنّ النّبي يهجر ، والبخاري ومسلم نقلاها هُنا بالعبارة الصحيحة التي نطق بها عمر ، ولم يُبدِّلاها ما دام اسم عمر غير وارد ، ونسبة هذا القول الشنيع للمجهول لا يضرّ.
ولكن عندما يأتي اسم عمر في الرواية التي تذكر بأنّه هو الذي تلفّظ بها ، يصعب ذلك على البخاري ومسلم أن يتركاها على حالها; لأنّها تفضَحُ الخليفة ، وتظهره على حقيقته العارية ، وتكشف عن مدى جُرأته على مقام الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والذي كان يعارضُه طيلة حياته في أغلب القضايا.
وعرف البخاري ومسلم ومن كان على شاكلتهم بأنّ هذه الكلمة وحدها كافية لإثارة عواطف كلّ المسلمين حتّى أهل السنّة ضدّ الخليفة ، فعمدوا إلى التّدليس ، فهي مهنتهم المعروفة لمثل هذه القضايا ، وأبدلوا كلمة « يهجُر » بكلمة « غلب عليه الوجع » ، ليبعدوا بذلك تلك العبارة الفاحشة ، وإليك ما أخرجه البخاري ومسلم في نفس موضوع الرزيّة :
عن ابن عباس ، قال : لما حُضر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطّاب ، قال النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « هلّم أكتب لكم كتاباً لا تضلّوا بعده » ، فقال عمر : إنّ النبىّ قد غلب عليه الوجع ، وعندكم القرآن ، حسبنا كتاب الله.
فاختلف أهل البيت فاختصموا ، منهم من يقول : قرّبوا يكتب لكم النّبي كتاباً لن تضلّوا بعده ، ومنهم من يقول ما قال عمر ، فلمّا أكثروا اللّغو