الكبيرة ، فقد أثارها الخوارج وسيوفهم في أيديهم ، والخصام بين المسلمين قد بلغ غايته حتّى أنّهم كانوا يرعون دم الذمي ، ولا يرعون دم المسلم ابن جلدتهم ; لأنّهم ذهبوا ـ وبئس ما ذهبوا إليه ـ أنّ مرتكب الكبيرة كافر مستباح الدم.
ثمّ تجددت هذه المسألة بين الحسن البصري وتلميذه ابن عطاء ، فجعلت التلميذ يضاد شيخه ومعلّمه ، ويعتزل مجلسه ، ويكوّن مجلساً آخر يتصدّر فيه برأيه ، وقد كان واصل يرى أنّ مرتكب الكبيرة ليس مؤمناً ولا كافراً ، وإنّما منزلة بين المنزلتين ، أي : فاسق وكان الحسن البصري يرى أنّ مرتكب الكبيرة (منافق) !!!
ثمّ جاءت مسألة أخرى عن خلق القرآن فزادت النار اشتعالاً ، بين الأمّة من المعتزلة ومن خالفهم في ذلك ، وتعصّب المأمون ومن أتى بعده لرأي المعتزلة وانقسمت الأمّة على نفسها حتّى إذا ما جاء أحد ملوك بني العباس انتصر لرأي أحمد بن حنبل وجماعة معه ، لتدور الرحى مرّة ثانية من القتل والسجن والتعذيب. وظلّ الحال كما هو عليه حتّى بعد أن حاول أبو الحسن الأشعري محاولة التقريب بين المعتزلة وغيرهم من أهل السنة ، ولكن قامت خصومة شديدة بينه وبين المعتزلة من جهة ، وبين الحرس القديم لأهل السنة من جهة أُخرى. وفي عهد الملك طغرلبك السلجوقي انتصر الكرامية في خراسان وغيرها ، فعذّب الأشاعرة ففرّوا إلى الحجاز.