وعليها يتوكأ السائر إلى غاية ينفطر لأجلها عمره ، وتسترق أيامه ، لا عن عبودية لسوى الله تعالى ، إنّما عن طلب الهادي إليه ، فهو سبحانه أشار إلى سبل معرفته بالاقتداء بمن يهدي ، على أنّ هذا الذي يهدي بالغاً مبلغ الكمال ، الذي تخشع له النفس الإنسانية رغبة في اسهامه في تلبية طلبتها ، يقول عزّوجلّ : ( أفمن يهدي إلى الحق أحقُّ أن يتّبع أمن لا يهدي إلاّ أن يهدى ، فما لكم كيف تحكمون ) (١).
إنّ لهذه الكلمات الشريفة سعة لمن أراد التوسع ، فثمة من يهدي إلى الحق ، وهو مفطور عليه لا يحتاج معه إلى تبيان ، لأنّ الكلمات أرفقت بضرورة الإتباع لهذا الهادي الذي لا يحتاج إلى من يصوّب له طريقه الذي يسلكه في عملية الهداية ، قارن قوله تعالى في متابعة الآية الشريفة : ( أمن لا يهدي إلاّ أن يهدى ) ، فثمة راية للحق تعرفها السرائر ، لا يغفل عنها من ينظر إليها ، وهذه الراية خلّفها محمد صلىاللهعليهوآله في آل بيته عليهمالسلام كيف؟
ننظر هنا في كلمات أمير المؤمنين عليهالسلام لدى ترتيب هذا الأمر ، يقول : « ونشهد أنّ لا إله غيره ، وأنّ محمد عبده ورسوله ، أرسله بأمره صادعاً ، وبذكره ناطقاً ، فأدّى أميناً ، ومضى رشيداً ، وخلّف فينا راية الحق » هذه الراية ما فتئ أنبياء الله يورثونها سدنتها الحقيقيين ، فهي أمان جملة الكون ، لأنّ الله سبحانه تعهدها واجرى سنته في الحياة
__________________
١ ـ يونس : ٣٥.