أنّنا نحونا منحى
آخر اجترحناه لأنفسنا ، ونجد أنّ لهذا المنحى دوراً في تظهير مشهد المعرفة البشرية
الدفينة ، وإعطاء الصبغة الجلية لها.
ومن البيّن أن المسلمين اتخذوا لأنفسهم
مذاهب في شرح وتعريف الإمامة ، وهذا أمر علمي وعملي ، فهو الذي يساهم دائماً في
قدح شرارة التجديد كلما لوحظ أنّ تبلداً ما قد أخذ يطرأ على الأذهان ، فالحيوية
التي يتمتع بها الفكر الإسلامي هي التي تميّزه عن بقية الأفكار الموجودة على الأرض
، ونقصد دائماً ذلك الجانب الجدلي الفعّال في بنية المعتقد الإسلامي ، فهو فكر
متوثب لا يركن إلى الجمود.
إذن ، فالمناهج المتبعة والمذاهب التي
يعمل بها الفكر الإسلامي هي ضرورة حيوية ، من ضرورات وجوده وبقائه متجدداً
باستمرار ، ومن الخطأ أن يفهم أنّ الفكر الإسلامي فكر محدّد بأطر لا يمكن تجاوزها
، أو الحيد عنها ، وإلاّ لكان أُقفل على العقل المسلم منذ نهاية العصر النبوي ،
وأحكم إغلاقه ، فلا يقدر بعدئذ أن يبني لنفسه ما يؤهله لدخول ساحات التقدّم العلمي
والتقني ، لعدم حيازته على ترخيص من سالف الزمان.
والواقع أنّ العكس هو الصحيح ، فالعقل
الإسلامي عقل مدقّق فاحص باحث عن المعرفة ، سائر إلى تطبيق مناهجه في كل زمان وعلى
كل أرض ، والذي يمكّن من ذلك كما تقدّم هي العلمية