وينقل لنا الرواة والمؤرخون أيضاً كيف
أنّ الإمام الرضا عليهالسلام
كان يترقب وبشوق بالغ ، ولهفة عجلىٰ مولد ابنه محمداً ، فلما ولد كان عليهالسلام يلازم مهده ، وفي بعض الأحيان كان يناغيه وهو في مهده طول ليلته (١) ؛ بل إنّ علقته بطفله الرضيع بلغت حداً أنّه عليهالسلام
كان يلازم مهده لعدة ليالٍ حتىٰ إن أحد شيعته كلمه في أن يكف عن كثرة ملازمته لمهد وليده قائلاً له : جُعلت فداك قد وُلد للناس أولاد قبل هذا ، فكل هذا تعوّذه ؟ لقد ظن هذا المعترض أن الإمام أبا الحسن
عليهالسلام
، ولشدة حبّه لمولوده ، فإنّه يخاف عليه من عيون الحسّاد ؛ لذلك فهو يعوّذه طوال هذه المدة. لكن الإمام عليهالسلام
أجاب المستفهم بأن حنوّه علىٰ ولده ليس لغرض التعويذ ، بل إنّه عليهالسلام
يلقي إليه أمر الإمامة وعلومها ، بقوله : « ويحك ليس هذا عوذة
، إنّما أغرّه بالعلم غرّاً » (٢) ، كما كان يطعمه بنفسه ، وما كان
يفارقه طويلاً ، حتىٰ إنّه عليهالسلام
ليصطحبه في سفره وتنقلاته داخل المدينة وخارجها تنويهاً به عليهالسلام ، وزيادة في إعظامه وإكرامه. وأما تعظيم الإمام الرضا عليهالسلام لمولوده المبارك ، فإنّه
ما كان يناديه إلّا بكنيته منذ نعومة أظفاره ، فقد تحدّث محمد بن أبي عبّاد وكان يكتب للرضا عليهالسلام
، ضمه إليه الفضل بن سهل ، قال : ما كان عليهالسلام
يذكر محمداً ابنه إلّا بكنيته ، ويقول : كتب إليّ أبو جعفر.. وكنت أكتب إلىٰ أبي جعفر.. وهو صبيّ بالمدينة ، فيخاطبه بالتعظيم ، وترد كتب أبي جعفر عليهالسلام
في نهاية البلاغة والحُسن ، فسمعته يقول : « أبو جعفر وصيي وخليفتي في أهلي من
________________ ١)
عيون المعجزات : ١٢١. وعنه بحار الأنوار ٥٠ : ١٥ / ١٩. ٢)
إثبات الوصية : ١٨٣.