سائله بقولٍ موجز
بليغ :
« ويحك كيف أمسيت ؟ أمسينا فيكم كهيئة
بني إسرائيل في آل فرعون ، يذبّحون أبناءهم ويستحيون نساءهم ، وأمست العرب تفتخر علىٰ العجم بأنّ محمداً منها ، وأمسىٰ آل محمد مقهورين مخذولين ، فإلىٰ الله نشكو
كثرة عدوّنا ، وتفرّق ذات بيننا ، وتظاهر الأعداء علينا... »
.
وهكذا تبرز وثائقية هذا الطرح الاِعلامي
البليغ ، ويتجلّىٰ دور الإمام السجاد عليهالسلام
في قيادة مشروع الإحياء وثورة التصحيح ، ومن هذه المحطة تبدأ رحلة الألف ميل مسافة وعمقاً من الشام إلىٰ المدينة ، ليستأنف الإمام عليهالسلام
مهمته الرسالية في استكمال هذا المشروع وريادة هذه الثورة.
المحطة
الثالثة : في المدينة المنوّرة :
١ ـ دوره العلمي.
ليس الحديث عن الدور العلمي للإمام السجاد
عليهالسلام
مما تجمعه السطور ، أو تفي بالتعبير عنه ؛ ولكن حسبها أنّها تأتي بمعالم تفصح بعض إفصاح عن ذلك الدور وما كان يتمتع به صاحبه من منزلة.
لقد عاش الإمام زين العابدين عليهالسلام في المدينة المنورة
، حاضرة الإسلام الاُولىٰ ، ومهد العلوم والعلماء ، في وقت كانت تحتضن فيه ثلّة من علماء الصحابة ، مع كبار علماء التابعين ، فكان بشهادة أكابر أبناء طبقته والتابعين لهم ، الأعلم والأفقه والأوثق ، بلا ترديد.
فقد كان الزهري يقول : (ما كان أكثر
مجالستي مع علي بن الحسين ، وما رأيت أحداً كان أفقه منه). وممن عرف هذا الأمر وحدّث به الفقيه
_______________________