لولاه لأصبحت عديمة
الفائدة بلا جدوى.
وممّا سبق بيانه علم أنّ هذا الأمر لم
يكن إلاّ أمر الإمامة وتعيين الأئمّة من بعده ، فلولاهم لما قام للدين عمود ، والنعمة من معانيها الواضحة في القرآن الكريم هو رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
ولذا قال تعالى ( وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ) والشاهد على النعمة بالمعنى الذي ذكر قوله تعالى : ( وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ
كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا
حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ
لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )
.
إذ لم تذهب العداوة بين الأوس والخزرج ،
ـ التي طالت مائة سنة ، حيث لا يضعون سلاحاً لا باليل ولا بالنهار ، حتّى شبّ على ذلك جيل بأكمله فلم تذهب تلك العداوة ولم تخمد نارها إلاّ برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
فهو النعمة المرادة في الآية ، ولكنّها كانت نعمة لم تتمّ بعد ، ليس المراد ، ذاته الشريفة صلىاللهعليهوآلهوسلم
بل المراد تماميّتها بالنسبة إلى الأمّة بعده صلىاللهعليهوآلهوسلم
فبالأئمّة تمّت النعمة ، وكمل دين الله سبحانه وتعالى.
فقال
صاحبي : إنّ آية الإكمال سابقة لآية التلبيغ ، وبين
الأولى والثانية أربع وستّون آية ، فكيف تكون اللاحقة قد نزلت قبل السابقة ؟
قلت
: الجواب واضح ، فالقرآن الكريم الذي بين
أيدينا لم يجمع مرتّباً بحسب تسلسل نزول الآيات ، فيمكن أن يقدّم اللاحق على السابق ، أو تأخّر السابق على اللاحق ، والذي يتدبّر القرآن ; ليخرج
_____________________