والموضع
الثاني : في قوله تعالىٰ : (
أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ
إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا )
.
والآية هنا في معرض الردِّ علىٰ أقوام
يعبدون الملائكة ، أو يؤلهون المسيح وعزيراً عليهماالسلام
، فقالت الآية انّ أولئك الذين تدعونهم من ملائكة وأنبياء إنّما هم في أنفسهم يبتغون إلىٰ ربِّهم الوسيلة ويرجون رحمته ويخافون عذابه .
والوسيلة هنا لم تخرج عن معناها الأول ،
فهي التوصل والتقرّب. وربّما استعملت بمعنىٰ ما به التوصّل والتقرّب ، ولعلّه الأنسب بالسياق .
ومن كل ما تقدّم يُعلَم أنّ التوسُّل
إنّما هو اتخاذ الوسيلة المقصود ، ومعه يكون الأنسب في معنى الوسيلة أنّها ما يتم به التوصّل والتقرّب.
هذا هو التوسُّل في معناه اللغوي
الجامع.
أمّا التوسُّل إلىٰ الله
تعالىٰ في معناه الاصطلاحي ، فهو أن يتقرّب العبد إلىٰ الله تعالىٰ بشيء يكون وسيلة لاستجابة الدعاء ونيل المطلوب .
وهو ما جاء به قوله تعالىٰ : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا
أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ) فهم بعد استغفارهم يتّخذون من استغفار الرسول لهم وسيلة لنيل توبة الله عليهم ورحمته إيّاهم. وهذا توسُّل بدعاء الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم
في حياته.
_________________________________