بأنّ ما ارتكبوه قد صدر منهم عن اجتهاد وتأويل ، ومن ذلك بغي معاوية وعمرو بن العاص على الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام وما رافق ذلك البغي من سفك الدماء وقتل خيرة الصحابة كعمّار وخزيمة بن ثابت وحجر بن عدي وآخرين.
قال ابن حجر : ( وفئة معاوية وإن كانت هي الباغية ، لكنّه بغي لا فسق به ، لأنّه صدر عن تأويل يعذر به أصحابه ) (١).
ولم يكتف القائلون بالتأويل بذلك ، فترقّى بهم الحال ليدّعوا أنّ للبغاة أجراً على بغيهم :
قال ابن كثير : ( ... لأنّهم وإن كانوا بغاة في نفس الأمر ، فإنّهم كانوا مجتهدين فيما تعاطوه من القتال ، وليس كل مجتهد مصيباً ، بل المصيب له أجران ، والمخطيء له أجر ) (٢).
وقال ابن حزم : ( وعمّار رضياللهعنه قتله أبو العادية يسار بن سبع السلمي ، وقد شهد بيعة الرضوان ، فهو من شهداء الله له بأنّه علم ما في قلبه وأنزل السكينة عليه ورضي عنه ، فأبو العادية ... متأول مجتهد مخطيء فيه باغ عليه مأجوراً أجراً واحداً ) (٣).
وذكر ابن حجر الرواية المشهورة عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في قوله لعمّار بن ياسر : « تقتلك الفئة الباغية » وأردفها بالقول : ( إخبار من الصادق المصدّق رضياللهعنه أنّ معاوية باغ على عليّ ، وأنّ عليّاً هو الخليفة الحق )
__________________
(١) الصواعق المحرقة : ٣٢٨.
(٢) السيرة النبوية ، لابن كثير ٢ : ٣٠٨.
(٣) الفصل في الأهواء والملل والنحل ٤ : ١٦١.