الأدب وتأريخه الى القول في القرآن ، بما هو مادة لذلك التاريخ الأدبي ، فجاء إذ ذاك أمين الخولي ، وهو من شيوخ المدرسة القديمة فيما يرى في ختام حياته التعليمية ، وغيّر في مناهجها ما غيّر ، وجعل تفسير القرآن مادة دراسية فيها ، وكان مفهوم التفسير عنده أو عند أمثاله لا يجاوز كثيرا تلك الكتب المتداولة فيه ... وكلها يمكن أن يقال فيه : أنه لا يستطيع الوفاء ببيان ما في القرآن من قوة بلاغية ؛ وكانت الحياة الأدبية الجامعية خصبة ، متجددة ، متطلعة ، مستشرقة ، فاتبعت وراء ما استشرف إليه المفسرون من حسّ العربية وذوقها ، وبلاغة هذا الأسلوب ؛ ماهو وراء ذلك وأبعد ، على أن يكون لهذا التطلع ضابط من طبيعة اللغة وحيويتها ، فراحت الجامعة تحول التفسير درسا أدبيا محضا ، ويستعين بكل ما بلغته وستبلغه الثقافة الإنسانية الفنية من دقة وتطلع (١).
وكان صاحب هذا المنهج الجديد هو أمين الخولي باعتباره مدرسا لتفسير القرآن ، وواضعا لمفرداته العلمية ، فاستعان على ذلك بما كتبه في القرآن ، وكان « تاريخ القرآن » مجموعة محاضراته فيه ـ ولم ينشر ـ وكان « التفسير .. معالم حياته .. منهجه اليوم » من أروع البحوث في دائرة المعارف الإسلامية / المجلد الخامس ، وقد اشتمل عليه كتاب « مناهج تجديد » وكانت دراسته للقرآن العظيم بين هذا وذاك تشمل : حياة الألفاظ القرآنية ، وتدرج دلالتها ، وتأريخ ظهور المعاني المختلفة للكلمة ، الواحدة ، وكانت البلاغة القرآنية في مطابقة الكلام لمقتضى الحال : اساس الدرس التفسيري مضافا إليها الغرض الديني والبعد العقائدي (٢).
وكان بحثه الفريد « القرآن الكريم » في دائرة معارف الشعب المصرية في ١٩٥٩ م مستوفيا لجملة من خصائص القرآن الأسلوبية في كل من المكي والمدني ، وما يتميز به كل منهما بتمييز حال المخاطبين.
وكانت محاضراته في « أمثال القرآن » ـ وقد أملاها على طلاب الدراسات العليا في كلية الآداب بجامعة القاهرة ـ جوهرة ثمينة إجرى فيها تحقيقا لغويا لكلمة « المثل » وجمع الآيات التي تضمنت لفظ المثل ، وقام
__________________
(١) ظ : كامل سعفان في كتابه : أمين الخولي ، ١١٣ وما بعدها وانظر مصادره.
(٢) ظ : أمين الخولي ، مناهج تجديد : ٢٩٣.