الجمل ، وقد بقيت تُعيّر به ، وإن قالوا أنّها ندمت بعد ذلك ، لكن لها موقف مشابه ليوم البغلة ، حيث خرجت راكبة على بغلة لمنع جنازة الحسنعليه السلام من تجديد العهد بقبر جدّه ، فقال لها ابن عباس : واسوأتاه يوم على بغل ويوم على جمل تريدين أن تطفئ فيه نور الله ، وتقاتلي أولياء الله وتحولي بين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبين حبيبه أن يدفن معه ، إرجعي فقد كفى الله تعالى المؤنة ، ودفن الحسن إلى جنب أمّه ، فلم يزدد من الله تعالى إلاّ قربا ، وما ازددتم منه والله إلاّ بُعداً ، يا سؤأتاه ، أنصرفي فقد رأيتِ ما سرّك.
قال : فقطبت في وجهي ونادت بأعلى صوتها : أمّا نسيتم يوم الجمل يابن عباس؟ إنّكم لذووا أحقاد ، فقال : أم والله ما نسيه أهل السماء فكيف ينساه أهل الأرض ، فأنصرفت وهي تقول :
فألقت عصاها وأستقر بها النوى |
|
كما قرَ عينا بالإياب المسافر (١) |
وقد ذكر ابن حجر في ( تهذيب التهذيب ) في ترجمة عبد الله بن محمّد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق المعروف بابن أبي عتيق : ( أنّ الزبير ـ بن بكار ـ قال : أخبرني عبد الله بن كثير بن جعفر : إنّ عائشة ركبت بغلة وخرجت تصلح بين غلمان لها ولابن عباس ، فأدركها ابن أبي عتيق فقال : يعتق ما يملك إن لم ترجعي ، فقالت : ما حملك على هذا؟ قال : ما أنقضى عنا يوم الجمل حتّى يأتينا يوم ( البغلة ) ) (٢).
____________________
(١) أنظر موسوعة عبد الله بن عباس / الحلقة الأولى ٥ / ١١٦.
(٢) تهذيب التهذيب ٦ / ١١.