وراجع أيضاً أوّل هذه الفصلة لماذا الإصرار وحوار بعد حوار ، فستجد أنّ ابن عباس يشارك الحسين ( عليه السلام ) في رأيه في جهاد يزيد وسماه الجبّار ، وحسبك أن تقرأ ما رواه المسعودي في المروج قال : « فلمّا همّ الحسين بالخروج إلى العراق أتاه ابن العباس فقال له : يا بن عم قد بلغني أنّك تريد العراق ، وإنّهم أهل غدر ، وإنّما يدعونك للحرب ، فلا تعجل ، وإن أبيت إلاّ محاربة هذا الجبّار وكرهت المقام بمكة فاشخص إلى اليمن ... » (١).
فمن يسمي يزيد بالجبّار ، ويصوّب محاربة الحسين له كيف يُقبل أو يعقل أنّه يشير عليه بمصالحته؟
٣ ـ وممّا ورد أيضاً والعهدة على راويه ، وهو لا يخلو من مناقشة ما رواه الحافظ ابن شهر اشوب نقلاً عن كتاب التخريج (؟) عن العامري بالاسناد عن هبيرة بن يريم عن ابن عباس قال : « رأيت الحسين قبل أن يتوجه إلى العراق على باب الكعبة وكف جبرئيل في كفه ، وجبرئيل ينادي : هلموا إلى بيعة الله. وعنّف ابن عباس على تركه الحسين فقال : إنّ أصحاب الحسين لم ينقصوا رجلاً ولم يزيدوا رجلاً ، نعرفهم بأسمائهم من قبل شهودهم » (٢).
فإنّ هذا الخبر ممّا لا يمكن قبوله بوجه ما لم تسدّ ثغرات سنده ومتنه. ففي إسناده :
أوّلاً : جهالة مؤلف كتاب التخريج (؟) ونقل ابن شهر اشوب عنه لا يضفي الوثاقة عليه.
ثانياً : جهالة رواته وانقطاع سنده بين العامري وهبيرة.
____________________
(١) مروج الذهب ٣ / ٦٤ تح ـ محمّد محي الدين عبد الحميد.
(٢) مناقب ابن شهرآشوب ٣ / ٢١١ ط الحيدرية.