ينجو من الفتن لقوله تعالى : ( فَأَنْجَيْنَاهُ وأَصْحَابَ السَّفِينَةِ ) (١) ، وأمثال ذلك ، ولا بدّ لمن رام ذلك أن يقرأ القرآن بالتدبّر في آياته ومناسبات كلماته.
الثاني : التعبير بالسنّة ، كأن تفسّر الغراب بالرجل الفاسق ؛ لما روي أنّه سمّاه النبيّ صلىاللهعليهوآله فاسقاً ، وتفسّر الفأرة بالمرأة الفاسقة ؛ لأنّه سمّاها فويسقة ، وتفسّر الضلع بالمرأة ؛ لما روي : أنّ المرأة كالضلع الأعوج ، وتفسّر الحيوانات الممسوخة بما مسخوا عنه ، كما قدّمنا لتلك الأخبار ، ولا بدّ لمن رام ذلك من التدبّر في أخبار الآل عليهمالسلام ، لا سيّما خطب أمير المؤمنين عليهالسلام المشحونة بالتشبيهات السديدة الكاملة ، كأنّ تفسّر رؤيا من لبس قيمصاً ضيقّاً بأنّه ينتحل ما ليس له ؛ لقوله : « أَمَا وَالله لَقَدْ تَقَمَّصَها ابن أبي قحافة » (٢) ، أو جرى من تحته الماء بالرتبة العالية والملك ، لقوله : « يَنْحَدرُ عَنِّي السَّيْلُ » (٣) ، وكذا إذا طار إليه ولم يبلغه لقوله : « وَلا يَرْقَىٰ إِلَيَّ الطَّيْرُ » (٤) ، أو جلس في وسط رحى أن يصير مدار اُمور الخلق لقوله : « وَإِنَّهُ لِيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنهَا مَحَلُّ القُطْبِ مِنَ الرَّحَا » (٥).
الثالث : التأويل بالوجوه الحكميّة ، كأن تأوّل العرش بالمكان العليّ والعظمة في القدر بالباطني والعلوم الباطنة ، وتأوّل الكرسي بالرفعة والعلوم الظاهرة ، وتأوّل الشمس بالسلطان والدين والرئاسة والملك ، وأمثال ذلك ، والقمر بالنيابة والخلافة والوصاية والوزارة.
الرابع : أنّ تأوّل بالأمثال المضروبة كأن تعبّر حفر البئر بالمكر للمثل السائر : « من حفر بئراً لأخيه وقع فيها » ، وجواز الماء عن الجبل باشتداد الأمر والفتنة لقولهم : « قد جاوز الماء الزبى » ، والزبي : بئر في الجبال تحفر لصيد الأسد. ورمي السهم معوجّاً بالكلام في غير محلّه للمثل : « ترسّل في غير سدد » ،
_________________________
(١) العنكبوت ٢٩ : ١٥.
(٢ ـ ٤) نهج البلاغة.