٢ ـ إنّ المروي في مسألة صلاة أبي بكر فيه من التناقض العجيب الغريب ما يدعو إلى الريبة في ذلك وإن تضخم كماً وكيفاً. ولئلا نطيل الوقوف كثيراً فلنقرأ بعض ما جاء عن عائشة وحدها مضافاً إلى ما مرّ عنها أيضاً ، وعليها مدار أكثر المروي في ذلك ، لنرى مدى التناقض فيه :
أ ـ في حديث قالت : « أوذن النبيّ صلّى الله عليه (وآله) وسلّم بالصلاة في مرضه فقال : مروا أبا بكر فليصلّ بالناس ثمّ أغمي عليه فلمّا سرّي عنه قال : هل أمرتنّ أبا بكر يصلي بالناس ؟ فقلت يا رسول الله إنّ أبا بكر رجل رقيق لا يُسمع الناس ، فلو أمرت عمر. قال : إنكن صواحب يوسف ، مروا أبا بكر فليصلّ بالناس فربّ قائل ومتمنّ ويأبى الله والمؤمنون » (١).
ب ـ وفي حديث آخر عنها : « لمّا كانت ليلة الاثنين بات رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم دنفا ، فلم يبق رجل ولا إمرأة إلّا أصبح في المسجد لوجع رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم فجاء المؤذّن يؤذنه بالصبح فقال : قل لأبي بكر يصلي بالناس ، فكبّر أبو بكر في صلاته ، فكشف رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم الستر فرأى الناس يصلون ، فقال : إن الله جعل قرّة عيني في الصلاة ، وأصبح يوم الاثنين مفيقاً فخرج يتوكأ على الفضل بن عباس وعلى ثوبان غلامه حتى دخل المسجد وقد سجد الناس مع أبي بكر سجدة من الصبح وهم قيام في الاُخرى ، فلمّا رآه الناس فرحوا به ، فجاء حتى قام عند أبي بكر ، فاستأخر أبو بكر فأخذ النبيّ صلّى الله عليه (وآله) وسلّم بيده فقدّمه في مصلّاه فصفّا جميعاً ، رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم جالس وأبو بكر قائم على
_______________________
(١) طبقات ابن سعد ٢ ق٢ / ٢٠.