(ما هذا الّذي في يدك يا عمر ؟) قال قلت : كتاب نسخته لنزداد به علماً إلى علمنا ، فغضب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى أحمرّت وجنتاه ، ثمّ نودي بالصلاة جامعة فقالت الأنصار : أُغضب نبيّكم السلاح السلاح ، فجاؤا حتى أحدقوا بمنبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : (يا أيها الناس إنّي قد أوتيت جوامع الكلم وخواتمه ، واختصر لي إختصاراً ، ولقد أتيتكم بها بيضاء نقيّة فلا تتهوّكوا ، ولا يغرنّكم المتهوّكون (١)).
قال عمر : فقمت فقلت : رضيت بالله رباً ، وبالأسلام ديناً ، وبك رسولاً ، ثمّ نزل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم » (٢).
ثمّ العجب كلّ العجب من عمر وهو الّذي كان يقول نادماً على ما بدر منه يوم صلح الحديبية : « ما زلت أصوم وأتصدّق وأصلّي وأعتق من الّذي صنعت يومئذٍ مخافة كلامي الّذي تكلمت به حتى رجوت أن يكون خيراً ـ اُنظر ! فستجد أنّه لم يبدر منه سوى أنّه لم يرض بالصلح حمية لدينه حيث أتى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فقال : يا رسول الله ألست برسول الله ؟ قال : بلى ، قال : أولسنا بالمسلمين ؟ قال : بلى. قال : أوليسوا بالمشركين ؟ قال : بلى. قال : فعلامَ نعطي الدنيّة في ديننا ؟ فقال : (أنا عبد الله ورسوله ، لن أخالف أمره ولن يضيّعني) ، قال عمر : فما زلت
_______________________
(١) المتهوّكون : المتحيّرون ، والتهوّك أيضاً مثل التهوّر ، وهو الوقوع في الشيء بقلّة مبالاة ، قاله الجوهري.
(٢) كذا في مجمع الزوائد للهيثمي ١ / ١٧٣ و ١٨١ ، وراجع أيضاً جمع الفوائد ١ / ٣٠ ، والمصنّف لابن أبي شيبة ١٠ / ٣١٣ و ١١ / ١١٥ ، والمعجم الكبير للطبراني برقم ١٠٦٣ ـ ١٠٦٥ ، والأسماء المبهمة للخطيب البغدادي ١٨٨ ـ ١٨٩. فستجد عدة محاولات بُذلت لتضييع اسم عمر من صحيفته الّتي أتى بها ، على نحو ما بذل من تعتيم وتضبيب حول تضييع أسمه من منعه صحيفة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.