من شيخ سقيم يعيش مدّة. وعلى تقدير حصوله لا دليل على اعتباره شرعا حتّى يحكم به بتضيّق عبادة ثبتت من الشرع توسعتها. ولو سلّم ، فحصوله لمّا كان عند الهرم والمرض الشديد ، فبعده لا يمكن إيقاع شيء من التكاليف (١) ، في غاية الفساد.
أمّا الأوّل (٢) ، فلأنّ الغالب إفادة الأمارتين ظنّا للمكلّف بآخر أزمنة الإمكان وإن لم تفدا القطع به ، فتدلاّن على آخر أزمنة الإمكان بظنّه وإن لم تدلاّ على آخر أزمنة الإمكان في الواقع. ولو سلّم عدم إفادتهما له كلّيا ، فلا ريب في إفادة بعض أفرادهما أو أمارة ما ـ وإن كانت غيرهما ـ له وهو يكفي لإثبات المطلوب ؛ لأنّا نقول : الغاية زمان حصول هذا الظنّ بأيّ أمارة كانت ، وبأيّ نحو اتّفق ، أي اتّفق غالبا أو نادرا.
وأمّا الثاني (٣) ، فلما بيّنّا فيما تقدّم اعتباره (٤).
وأمّا الثالث (٥) ، فلما عرفت (٦) من أنّ الوقت المضيّق بظنّ المكلّف يختلف باختلاف ما يجب عليه ، فالظنّ بتضيّق الوقت لو حصل في المرض ، فإنّما يحصل لو كان ما يجب عليه ممّا أمكن إيقاعه فيه ، وإلاّ فيحصل قبله.
وإذا أحطت خبرا بما ذكر ، تعرف أنّه لو عرضناه على قواعد الميزان يصير الدليل هكذا : هذا الواجب لا يتعيّن آخره ، وكلّ ما لا يتعيّن آخره يجوز الإخلال به ، فهذا الواجب يجوز الإخلال به. وإذا جعلت النتيجة صغرى لقياس آخر ، ينتج أنّ هذا الواجب ليس بواجب ، وهو خلف.
والجواب على الحلّ الأوّل : منع الصغرى إن اريد عدم التعيّن عند الشارع ؛ لأنّ آخره ـ وهو آخر أزمنة التمكّن في الواقع ـ متعيّن عنده ، ومنع الكبرى إن اريد عدم التعيّن عند المكلّف ؛ لأنّ عدم التعيّن عنده لا يقتضي الترخّص له في الإخلال به في جميع الأزمنة.
__________________
(١) حكاه الأنصاري في فواتح الرحموت المطبوع مع المستصفى ١ : ٣٨٩.
(٢) والمراد به قوله : « قلّما يحصل هذا الظنّ ».
(٣) والمراد به قوله : « وعلى تقدير حصوله ».
(٤) في ص ٦٣٤.
(٥) والمراد به قوله : « ولو سلّم فحصوله ».
(٦) في ص ٦٣٤.