وفي العامّ والخاصّ من وجه ، كقوله : « من نام عن صلاة أو نسيها فليصلّها إذا ذكرها » (١) مع نهيه عن الصلاة في الأوقات المكروهة (٢) ؛ فإنّ الأوّل عامّ في الأوقات خاصّ ببعض الصلوات وهي المقضيّة ، والثاني عامّ في الصلاة خاصّ ببعض الأوقات.
وقوله لبني عبد مناف : « من ولي منكم أمر هذا البيت فلا يمنعنّ أحدا طاف أو صلّى أيّة ساعة شاء من ليل أو نهار » (٣) مع نهيه عن الصلاة في الأوقات المكروهة.
وقوله : « أفضل صلاة المرء في بيته إلاّ المكتوبة » (٤) مع قوله : « صلاة في مسجدي هذا تعدل ألف صلاة فيما عداه إلاّ المسجد الحرام » (٥) ؛ فإنّ الأوّل عامّ في المواضع خاصّ بالنافلة ، والثاني عامّ في الصلاة خاصّ بغير المسجد الحرام ، ففي أفضليّة النافلة في البيت أو في المسجد الحرام يحتاج إلى مرجّح.
والتخيير يجري فيما عدا ما يجري فيه النسخ من الأقسام المذكورة إذا فقد الترجيح وحصل التعادل.
فصل [٢]
لمّا ثبت أنّه لا تعارض في القطعيّات ، ولا في قطعي وظنّي ، فلا يكاد أن يقع التعارض بين الإجماع أو السنّة المتواترة ، ومثله أو غيره : فينحصر وقوع التعارض في كلّ من الكتاب أو الخبر الواحد أو الإجماع الظنّي ، أو واحد من الأدلّة العقليّة كالاستصحاب ، أو القياس المعتبر ، أو غيرهما مع مثله ، أو واحد من الثلاثة أو أكثر ، ويتخرّج أقسام.
والمناط في ترجيح أحد الطرفين في كلّ منها أن يحصل به الظنّ الأقوى ، وهو يتوقّف على كونه أقوى في نفسه أو بالمرجّحات المنصوصة والاجتهاديّة ، والأوّل لا يتأتّى إلاّ فيما
__________________
(١) صحيح البخاري ١ : ٢١٥ ، ح ٥٧٢ ، وصحيح مسلم ١ : ٤٧١ ، ح ٣٠٩ / ٦٨٠.
(٢) صحيح البخاري ١ : ٢١١ ، ح ٥٥٦ ، وسنن أبي داود ٢ : ٥٥ ، ح ١٢٧٤ ـ ١٢٧٦ ، وصحيح مسلم ١ : ٥٧ ، ح ٨٣٣ و ٨٣٤.
(٣) سنن ابن ماجة ١ : ٣٩٨ ، ح ١٢٥٤.
(٤) صحيح البخاري ١ : ٢٥٦ ، ح ٦٩٨ ، وصحيح مسلم ١ : ٥٣٩ ، ح ٢١٣ / ٧٨١.
(٥) الكافي ٤ : ٥٥٥ ، باب المنبر والروضة و ... ، ح ٨ و ١٠ ، وتهذيب الأحكام ٦ : ١٥ ، ح ٣٠ و ٣٣.