واحتجّ القائل بإفادته العموم صيغة بعدم الفرق بين « حرّمت الخمر لإسكاره » و « حرّمت كلّ مسكر » (١).
والجواب : منع عدم الفرق ، فإنّ الثاني عامّ لكلّ مسكر بصيغته ، بخلاف الأوّل ؛ فإنّ إثبات عمومه يتوقّف على الاستدلال.
فصل [٢٣]
« التخصيص » قصر العامّ على بعض مسمّياته ، والقصر يعمّ القصر باعتبار الدلالة والحكم ، وباعتبار الحكم فقط ، فيتناول ما لم يرد به إلاّ بعض مسمّياته ابتداء كما في غير الاستثناء ، وما اريد به جميع مسمّياته ثمّ اخرج بعض ، كما في الاستثناء. وقيل : هو إخراج بعض ما يتناوله الخطاب عنه (٢).
وقيل : هو تعريف أنّ العموم للخصوص (٣).
وفيه دور ، إلاّ أن يخصّص « الخصوص » باللغوي.
وقد يطلق التخصيص على قصر غير العامّ على بعض مسمّياته (٤) ، مثاله لفظ : « العشرة » ليس عامّا ، ومع ذلك إذا قصر على خمسة بالاستثناء عنه ، يقال : قد خصّص ، وكذلك : « المسلمون » للمعهودين (٥).
واعلم أنّ الضابط في التخصيص أنّه كلّ ما يصحّ تأكيده بـ « كلّ » ويدلّ على الكثرة حقيقة (٦) أو حكما (٧) يصحّ تخصيصه ، وما لا ، فلا.
والإيراد عليه بنحو : « ما رأيت أحدا » ، فإنّه يخصّص ولا يؤكّد ، ونحو : « أكلت
__________________
(١) أيضا حكاه عنه ابن الحاجب في المصدر.
(٢) قاله الفخر الرازي في المحصول ٣ : ٧ ، ونسبه ابن الحاجب إلى أبي الحسين في منتهى الوصول : ١١٩ ، وهو قول العلاّمة في تهذيب الوصول : ١٣٥.
(٣) قاله الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٢ : ٢٩٩ و ٣٠٠ ، وحكاه ابن الحاجب في منتهى الوصول : ١١٩.
(٤) في هامش « أ » : « وفيه أنّ الخمسة في المثال المذكور ليس من مسمّيات العشرة بل من مسمّاه ، لاتّحاده ».
(٥) في هامش « أ » : « إذا قصر على بعضهم ».
(٦) في هامش « أ » : « في شمول الأفراد ».
(٧) في هامش « أ » : « في شمول الأجزاء ».