وعن الثاني : أنّ الاشتراك قد علم بدليل من خارج ، ولولاه لم يثبت الاشتراك بمجرّد هذه الصيغ ، كما في الجهاد والجمعة.
إذا عرفت ذلك ، فيظهر الفائدة في مواضع متكثّرة ، كما لو وقف على « بني زيد » مثلا ، أو خاطب ذكورا وإناثا ببيع أو وقف ، فقال : « بعتكم » أو « وقفتكم » ، أو خاطب رقيقه الكفّار فقال : « لله عليّ أن اعتق من آمن منكم » ، ولا ريب في دخول الإناث مع القصد ، ولذا لو وقف على بني هاشم دخلت الإناث ؛ لأنّ القصد حينئذ الجهة عرفا.
ويظهر الفائدة أيضا في الدعاء في خطبة الجمعة ؛ فإنّه واجب للمؤمنين والمؤمنات إذا (١) اقتصر على « المؤمنين » ، وفي دعاء الاستفتاح إذا صلّت المرأة ، فهل يجوز لها أن تقول : « وما أنا من المشركين وأنا من المسلمين »؟ والوجه هنا الجواز ، وقد روي أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لقّن فاطمة بهذا النحو في ذبح الأضحية وقال لها : « قومي ، وقولي : إنّ صلاتي ... » (٢).
فصل [١٧]
الحقّ أنّ العموم الوارد من الشرع نحو : « المسلمين » و « المؤمنين » ونحوهما يتناول العبيد مطلقا ، كما أنّ نحو : « المسلمات » يتناول الإماء ، و « الناس » يتناولهما.
وقيل : يتناولهم إن كان الخطاب بحقّ الله دون حقوق الناس (٣).
لنا : أنّ العبد من « المسلمين » والأمة من « المسلمات » وكليهما من « الناس ».
احتجّ الخصم بثبوت صرف منافع العبد إلى سيّده عموما ، فلو كلّف بالخطاب ، لكان صرفا لمنافعه إلى غيره ، فيلزم التناقض (٤).
والجواب : منع ثبوت الصرف عموما ؛ لعدمه وقت تضايق العبادات ، فلا تناقض.
وبخروجه عن خطاب الحجّ ، والجهاد ، والأقارير ، والتبرّعات ونحوها.
__________________
(١) قيد لقوله : « ويظهر الفائدة ».
(٢) المستدرك على الصحيحين ٥ : ٣١٣ ، ح ٧٥٩٩.
(٣) نسبه الآمدي إلى أبي بكر الرازي من أصحاب أبي حنيفة في الإحكام في أصول الأحكام ٢ : ٢٨٩ ، وكذا الأسنوي في التمهيد : ٣٥٥.
(٤) حكاه ابن الحاجب في منتهى الوصول : ١١٦.