فصل [٧]
إذا حكى الصحابي حالا بلفظ ظاهره العموم ـ كقوله : « نهى عن بيع الغرر » (١) ، و « قضى بالشاهد واليمين » (٢) و « قضى بالشفعة للجار » (٣) ـ فالحقّ أنّه لا يفيد العموم على تقدير دلالة المفرد المعرّف عليه ، فلا يعمّ « الغرر » و « الجار » و « الشاهد » و « اليمين » ؛ لأنّ الحجّة في المحكيّ لا في الحكاية ، والعموم فيها لا فيه ، أو ربما كان المحكيّ خاصّا فيوهمه عامّا ، أو يظنّ العموم باجتهاده.
واحتجّ الخصم بأنّه عدل عارف باللغة وبالمعنى ، فلا ينقل العموم إلاّ بعد ظهوره (٤).
وجوابه : أنّ تأتّي الاحتمالات المذكورة لا ينافي العدالة والمعرفة.
وكيفيّة التفريع : أنّه لا يمكن حينئذ الاحتجاج بعموم أخبار وردت بهذه الصيغ.
فصل [٨]
الفعل المتعدّي إذا وقع في سياق النفي ولم يذكر مفعوله ، نحو : « لا آكل » وما في معناه ، كالنكرة في سياق الشرط ، مثل : « إن أكلت فأنت طالق » يفيد العموم ، أي يعمّ مفعولاته ، سواء كان مفعوله منسيّا وصار الفعل بمنزلة اللازم ، أو مقدّرا.
أمّا على الأوّل ، فلأنّه حينئذ لنفي الطبيعة ونفيها إنّما يتحقّق بنفي جميع الأفراد.
وأمّا على الثاني ، فلأنّ عدم ذكر المفعول مع كونه مرادا دليل على إرادة جميع ما يصلح للمفعوليّة.
والظاهر أنّه لا خلاف في ذلك ـ أي إفادته للعموم ـ ولذا يقع الحنث بأيّ فرد اتّفق ، اتّفاقا.
__________________
(١) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٣٩ ، ح ٢١٩٤ ، وصحيح مسلم ٣ : ١١٥٣ ، ح ٤ / ١٥١٣ ، كتاب البيوع.
(٢) صحيح مسلم ٣ : ١٣٣٧ ، ح ٣ / ١٧١٢ ، كتاب الأقضية.
(٣) في سنن أبي داود ٣ : ٢٨٦ ، ح ٣٥١٧ بلفظ : « جار الدار أحقّ بدار الجار أو الأرض » ، والسنن الكبرى ٦ : ١٠٦ ، وسنن النسائي ٧ : ٣٢١.
(٤) قاله ابن الحاجب في منتهى الوصول : ١١٢.