من الصحابة والأتباع ومن تأخّر عنهم من علماء الأمصار في جميع الأعصار ، وإنكاره مكابرة ، ولو سلّم وجود مخالف فيه فلم يبلغ حدّا يقدح مخالفته في الإجماع. نعم ، وروده على النهي في المعاملات لا يخلو عن وجه.
[ الوجه ] الرابع : أنّ الأمر يقتضي الصحّة ؛ لدلالته على الإجزاء بكلا تفسيريه ، كما عرفت (١) ، والنهي نقيضه فيدلّ على الفساد ؛ لتناقض مقتضيات المتناقضات.
وفيه أمّا أوّلا : فمنع وجوب تقابل أحكام المتقابلات ؛ لجواز اشتراكهما (٢) في لازم واحد ، فضلا عن تناقض أحكامهما (٣).
وأمّا ثانيا : أنّ نقيض قولنا : « يقتضي الصحّة » أنّه لا يقتضي الصحّة ، ولا يلزم منه أن يقتضي الفساد ، وحينئذ فالنهي لا يدلّ على صحّة المنهيّ عنه ولا على فساده ، ويتوقّف فهم أحدهما على دليل آخر.
وغير خفيّ أنّ هذه الأدلّة ـ على فرض تمامها ـ تدلّ على دلالة النهي عن الشيء لعينه ، أو جزئه ، أو وصفه اللازم ، أو المفارق ، ووجهه ظاهر. هذا.
وبقي الكلام فيما أشرنا إليه أخيرا (٤) ، أي النهي عن الامور الخارجة التي ليست من صفات العبادات أصلا ولا من هيئاته ، ولا يتوقّف وجودها عليها بوجه ، كالنهي عن « آمين » بعد الحمد.
وقد اختلف في أنّها تفسد العبادة الواقعة هي فيها ، أم لا. فقيل بالثاني (٥) ؛ نظرا إلى أنّها امور خارجة مغايرة للعبادة ولا يتوقّف تحقّق العبادة عليها ، فلا يلزم من تعلّق النهي بها فسادها ، مع كون الأمر دالاّ على الإجزاء وفاقا.
وقيل بالأوّل (٦) ، نظرا إلى أنّ المفهوم من النهي كون وجود المنهيّ عنه مانعا لتحقّق العبادة ، وعدمه شرطا له.
__________________
(١) تقدّم في ص ٦٧٧.
(٢ و ٣) كذا في النسختين. والظاهر اشتراكها وأحكامها ، أو كون المتقابلات المتقابلين.
(٤) تقدّم في ص ٦٨٥.
(٥) مال إليه المحقّق الحلّي في المعتبر ٢ : ١٨٦ ، وحكاه الشهيد عن الإسكافي في الدروس الشرعيّة ١ : ١٧٤.
(٦) قاله الشهيد في الدروس الشرعيّة ١ : ١٧٤.