وأما مرتبة هذا العلم فهي (١) أن يتعلم بعد العلوم الطبيعية والرياضية.
أما الطبيعية ، فلأن كثيرا من الأمور المسلمة في هذا مما تبين (٢) في علم (٣) الطبيعي مثل : الكون ، والفساد ، والتغير ، والمكان ، والزمان وتعلق كل متحرك بمحرك ، وانتهاء المتحركات إلى محرك أول ، وغير ذلك.
وأما الرياضية ، فلأن الغرض الأقصى في هذا العلم وهو (٤) معرفة تدبير الباري تعالى ، ومعرفة الملائكة الروحانية وطبقاتها ، ومعرفة النظام في ترتيب الأفلاك ، ليس (٥) يمكن أن يتوصل إلا بعلم الهيئة ، وعلم الهيئة لا يتوصل إليه إلا بعلم الحساب والهندسة. وأما الموسيقى وجزئيات الرياضيات والخلقيات والسياسة (٦) فهي نوافع غير ضرورية في هذا العلم.
إلا أن لسائل أن يسأل فيقول : إنه إذا كانت المبادئ في علم (٧) الطبيعة والتعاليم إنما تبرهن في هذا العلم وكانت (٨) مسائل العلمين تبرهن بالمبادئ ، وكانت مسائل ذينك العلمين تصير مبادئ لهذا العلم ، كان ذلك بيانا دوريا ويصير آخر الأمر بيانا للشيء من نفسه ، والذي يجب أن يقال في حل هذه الشبهة هو ما قد قيل وشرح في كتاب البرهان. وإنما نورد منه مقدار الكفاية في هذا الموضع فنقول :
إن المبدأ للعلم ليس إنما يكون مبدأ لأن جميع المسائل تستند في براهينها إليه بفعل أو بقوة ، بل ربما كان المبدأ مأخوذا في (٩) براهين بعض هذه (١٠) المسائل ، ثم قد يجوز أن تكون في العلوم مسائل براهينها لا تستعمل وصفا البتة ، بل إنما
__________________
(١) فهى : فهو ب ، ج ، ط ، م
(٢) تبين : يتبين ص ، م
(٣) علم : العلم ص ، م
(٤) وهو : هو ج ؛ هو هو ط
(٥) ليس : فليس ج ؛ وليس ص ، ط
(٦) والسياسة :
والسياسية ح ، ط
(٧) علم : العلم ج
(٨) وكانت : وقد كانت ط
(٩) فى : + جميع ط
(١٠) هذه : ساقطة من ب.