على المروءة وسائر المناقب (١) كالينبوع للماء ، والزند للنار :
ولو لم يكن (٢) في الإحاطة بخصائصها (٣) والوقوف على مجاريها ومصارفها ، والتبحُّرِ في جلائلها ودقائقها (٤) إلا قوة القضية في معرفة إعجاز القرآن ، وزيادة البصيرة في إثبات النبوة اللذين هما (٥) عمدة الإيمان ، لكفي بهما فضلاً يَحْسُنُ أَثَرُهُ ، ويطيب في الدارين ثَمُره ، فكيف وأَيْسَرُهُ ما خصَّها الله عزَّ وَجَلَّ به من ضروب الممادح ، تكل أقلام الكتبة ، وتمل (٦) أنامل الحَسَبة ، ولما شَرَّفها الله تعالى عز اسْمُهُ وعظِّمَها ، ورَفَعَ خَطَرَها وكَرَّمها ، وأوحى بها إلى خير خلقه وجعلها لسان أمِينه على وحْيه ، وخلفائه في أَرْضِه ، وأراد بقاءها ودوامها ؛ حتى تكون (٧) في هذه العاجلة لخير (٨) عباده ، وفي تلك الآجلة لساكني دار ثوابه (٩) ، قَيَّض لها حَفَظَةً وخَزَنَةً من خَوَاصّ الناس (١٠) ، وأعيان الفضل ، وأَنْجُم الأرض ، فَنَسوا (١١) في خِدْمَتِهَا الشَّهوات ، وجَابُوا على إدراكها (١٢) الفَلَواتِ ، ونادَمُوا لاقْتِنائها الدفاتر ، وسامروا القماطر (١٣) والمحابر ، وأَفْنوا (١٤) من حصر لغاتها طباعهم ، وأَسْهَرُوا (١٥) في تَقْييد شَوَارِدِها أَجْفَانَهُم وأَجَالُوا في نَظْمِ قلائدِها أفكارَهُم ، وأَنْفَقُوا على تخليد كتبها أعمارهم ، فعظمت الفائدة ، وعمّت المصلحة وتوفرت العائدة ، وكلما بدأت (١٦) معارفها تتنكّر ، أو كادت معالمها تتستر ، أو عرض لها ما يشبه الفترة ، رد الله [ تعالى ](١٧) لها (١٨) الكرة ، فأهَبَّ بريحها (١٩) ، ونفق سوقها ، بصدر (٢٠) من أفراد الدهر أديبٍ ، ذي صدرٍ رَحيب ،
__________________
(١) في ( ط ) : أنواع المناقب.
(٢) في ( ل ) : تكن.
(٣) في ( ل ) : بها.
العبارة في ( ل ) : ( والتبحر في دقائقها.
(٤) وخصائصها ).
(٥) في ( ط ) : ( التي هي ).
(٦) في ( ط ) : ( يُثعب ).
(٧) عبارة : ( حتى تكون ) ليست في ل.
(٨) في ( ط ) : الخيار.
(٩) في ( ط ) : ( لساكني جنانه ودار ثوابه ).
(١٠) في ( ط ) : ( من خواصه من خيار الناس ).
(١١) في ( ط ) : ( تركوا ).
(١٢) عبارة : ( على إدراكها ) ليست في ( ط ).
(١٣) بإزائها في هامش ( ح ) : « القماطر : جمع قِمَطر ، وهو دعاء الكتب ، كما أن العَيْبَة وعاء الثياب ، وقد ورد في الباب الثالث والعشرين ـ فصل الأوعية : ليس يُعْلَم ما وعى القمطر : ما العلم إلا ما وعاه الصدر وفي معناه. ابن طباطبا ـ ليست علومك ما حوته دفاتر ، لكنها ما قد وعى الصدر ».
(١٤) بإزائها في هامش ( ح ) ؛ ( وأنفقوا ).
(١٥) في ( ل ) : ( وأسهدوا ).
(١٦) في ( ل ) : ( بدت ).
(١٧) ما بين المعقوفين عن ( ط ).
(١٨) كلمة : ( لها ) : ليست في ( ل ).
(١٩) في ( ط ) : ( فأحب ).
(٢٠) في ( ط ) : ( يفرد ).