ان الأمر يتشابه إلى حد بعيد ، ولكن بفارق واحد هو ان النص القرآني لا يمكن التلاعب به ، ولا يصلح للتغيير ، أما إمكانية فهمه وتطبيقه بأوجه متعددة فإن القرآن هو من تحدّث عنه فقال : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ) ولهذا تجه قد شخّص بصورة فورية ان هذا التشابه الذي يكون في العادة هو مورد التلاعب والاختلاف لا يمكن حسمه إلاّ من خلال مرجعيتين ثابتة ومتحركة ، أولاهما : النص الإلهي وهي المرجعية الثابتة ، وثانيتهما : جهة الراسخين في العلم ، وهي الجهة المتحركة التي تنسق المواقف الحياتية وحركيتها المتكررة مع متطلبات النص الإلهي وثباته الراسخ ولهذا أكملت الآية القول : (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبَابِ) (١) ، ولو تأملت الأمر من وجهة نظر الحديث الشريف لوجدته قد عمد إلى تشخيص نفس ما شخّصته الآية الكريمة ، ولكن مع إضفاء قدر من التوضيح على جهة الراسخين في العلم إذ سميت هذه المرة بأهل البيت. فتأمّل!
٣ ـ ولو حصرنا الأمر بما نحن في صدد بحثه وهو علاقة الحديث الشريف يعصمة أهل البيت عليهمالسلام لوجدنا أن الحديث يزخر بالمترتبات الطبيعية التي تفضي حتماً إلى عصمتهم عليهمالسلام الأكيدة والمطلقة ، ومن ذلك أذكر ما يلي :
أ ـ طبيعة ما يتركه الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لأمته إن قلنا بأنه من الدين فقد قلنا بعصمة المتروك ، لعدم معقولية أن يترك الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم شيء يقول فيه لأمته انه من دينهم ويكون هذا الشيء قابلاً للخطأ ، ولما كان القرآن جهة صامتة وهي معصومة قطعاً فإن الثقل الآخر المتروك لا بد وأن يكون معصوماً هو الآخر عن الخطأ والذنب لوضوح أن وصية الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لا تتخلف عن ذلك.
____________________
(١) آل عمران : ٧.