وليختزن الرجل لسانه ، فانه هذا اللسان جموح بصاحبه ، والله ما أرى عبدا يتقي تقوى تنفعه حتى يختزن لسانه ، وإن لسان المؤمن من وراء قلبه ، وإن قلب المنافق من وراء لسانه ، لان المؤمن إذا أراد أن يتكلم بكلام تدبره في نفسه ، فان كان خيرا أبداه وإن كان شرا واراه ، وإن المنافق يتكلم بما أتى على لسانه لايدري ماذاله وماذاعليه.
ولقد قال رسول الله : لايستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولايستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه فمن استطاع منكم أن يلقى الله سبحانه وهونقى الراحة من دماء المسلمين وأموالهم سليم اللسان من أعراضهم فليفعل (١).
ومن كلام له عليهالسلام : ألا إن اللسان بضعة من الانسان فلايسعده القول إذا امتنع (٢) ولايمهله النطق إذا اتسع ، وإنا لامراء الكلام وفينا تنشبت عروقه ، وعلينا تهدلت غصونه واعلموا رحمكم الله أنكم في زمان القائل فيه بالحق قليل ، واللسان عن الصدق كليل ، واللازم للحق ذليل الخبر (٣).
وقال في وصيته لابنه الحسين عليهماالسلام : تلافيك مافرط من صمتك أيسر من
___________________
(١) نهج البلاغة ج ١ ص ٣٤٦ ، الرقم ١٧٤ من الخطب.
(٢) الظاهر رجوع الضمير في « يسعده » و « يمهله » إلى الانسان وفى « امتنع » و « اتسع » إلى اللسان ، والمعنى اذا اتسع اللسان أتاه الكلام متواترا ، واذا امتنع حسر عن الكلاك ، وعيى ، ويكون اتساع اللسان وامتناعه لاجل أسباب كالخجل والحياء أو ضؤلة النفس وحقارتها أو الخوف أو الحشمة من المجتمع الذى أراد القاء الكلام اليهم وقيل : ان اللسان آلة تحركها سلطة النفس فلا يسعد بالنطق ناطق امتنع عليه ذهنه من المعانى فلم يستحضرها ولايمهله النطق اذا هواتسع في فكره ، بل تنحدر المعانى إلى الالفاظ جارية على اللسان قهرا عنه ، فسعة الكلام تابعة لسعة العلم.
(٣) نهج البلاغة ج ١ ص ٤٨٩.