٥٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال جاءت امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فدخلت عليه وهو في منزل حفصة والمرأة متلبسة متمشطة فدخلت على رسول الله صلىاللهعليهوآله فقالت يا رسول الله إن المرأة لا تخطب الزوج وأنا امرأة أيم لا زوج لي منذ دهر ولا ولد فهل لك من حاجة فإن تك فقد وهبت نفسي لك إن قبلتني فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوآله خيرا ودعا لها ثم قال يا أخت الأنصار جزاكم الله عن رسول الله خيرا فقد نصرني رجالكم ورغبت في نساؤكم فقالت لها حفصة ما أقل حياءك وأجرأك وأنهمك للرجال فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوآله كفي عنها يا حفصة فإنها خير منك رغبت في رسول الله فلمتها وعيبتها ثم قال للمرأة انصرفي رحمك الله فقد أوجب الله لك الجنة لرغبتك في وتعرضك لمحبتي وسروري وسيأتيك أمري إن شاء الله فأنزل الله عز وجل « وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ » قال فأحل الله عز وجل هبة المرأة نفسها لرسول الله صلىاللهعليهوآله ولا يحل ذلك لغيره.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحديث الثالث والخمسون : حسن.
وقال الفيروزآبادي : النهمة : الحاجة وبلوغ الهمة والشهوة في الشيء ، وهو منهوم بكذا مولع به. ويدل على أن الهبة تحل لرسول الله صلىاللهعليهوآله وأنها من خصائصه ، وقد مر القول فيه في باب الهبة ، وروي من طرق العامة لما نزلت هذه الآية الشريفة وقوله تعالى : « تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ » (١) قالت عائشة له صلىاللهعليهوآله : إن ربك ليسارع إلى هواك.
قال القرطبي : هذا قول أبرزته الغيرة ، وإلا فإضافة الهواء إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله مباعد لتعظيمه وتوقيره الذي أمر الخلق بهما فإنه عليهالسلام منزه عن الهوى لقوله تعالى « وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى » (٢) وهو ممن ينهى النفس عن الهوى ، ولو أبدلت « هواك » « بمرضاتك » كان أولى.
أقول : قد اعترف بأن عائشة آذت رسول الله صلىاللهعليهوآله بهذا القول ، فافهم.
__________________
(١) سورة الأحزاب الآية ٥١.
(٢) سورة النجم الآية ـ ٣.