وبذلك يثبت المفهوم للجملة الشرطيّة لتوفّرها على ضابطة المفهوم بركنيها.
التقريب الثاني : انّ الجملة الشرطيّة موضوعة للدلالة على التلازم بين الجزاء وهو الحكم وشرطه ولا يقتضي الوضع أكثر من ذلك إلاّ انّه وبواسطة الانصراف يثبت انّ هذا اللزوم الواقع بين الجزاء والشرط لزوم علي انحصاري.
ومبرّر هذا الانصراف هو انّ اللزوم وان كانت له انحاء متعدّدة إلاّ انّ أكملها هو اللزوم العلّي الانحصاري ، ومن هنا ينسبق للذهن إرادة هذا اللزوم دون غيره ، وبذلك يثبت المفهوم للجملة الشرطيّة.
التقريب الثالث : انّ ثبوت المفهوم للجملة الشرطيّة يتمّ استظهاره بواسطة مجموعة من المقدّمات :
المقدّمة الاولى : انّ أداة الشرط وضعت للدلالة على الربط اللزومي بين الشرط والجزاء.
المقدّمة الثانية : انّ تفرّع الجزاء على الشرط المستفاد من وضع الجملة الشرطيّة لذلك يكشف عن إرادة هذا التفرّع واقعا ، أي يكشف عن انّ المراد الجدّي للمتكلّم هو تفريع الجزاء على الشرط ، وذلك لأصالة التطابق بين الدلالة التصوريّة والدلالة التصديقيّة الجديّة.
المقدّمة الثالثة : هو انّ عدم ذكر شرط آخر للجزاء مع الشرط المذكور يعبّر عن انّ الشرط المذكور علّة تامّة للجزاء وإلاّ لو كان ثمّة شرط آخر لذكر لافتراض انّ المتكلّم في مقام ذكر ما يترتّب على وجوده الجزاء ، على انّ ذلك يكشف عن انّ هذه التماميّة ثابتة في جميع أحوال الجزاء ، اذ هو مقتضى الإطلاق الاحوالي للشرط وعدم تقييده بحالة دون اخرى ، وبهذا يكون ترتّب الجزاء عليه ثابت بقطع النظر عن الحالات التي تكتنفه.
وإذا ثبت انّه علّة تامّة لترتّب الجزاء في تمام الأحوال ثبت انّ عليّته لترتّب الجزاء انحصاريّة ، إذ لو لم تكن انحصاريّة لكان معنى ذلك انتفاء تماميّة