متوفّرة على هذه المناسبة العقليّة.
ومعنى المناسبة العقليّة هو إدراك العقل لوجه التناسب بين الحكم وموضوعه ، وهذا الوجه هو المعبّر عنه بالعلّة والمناط المستنبط والمستخرج.
ومثاله : ان يجعل الشارع وجوب الزكاة في النقدين المضروبين بسكّة المعاملة ، فإنّه لم يصرّح في خطاب الوجوب بالعلّة إلاّ انّ العقل يستنبط من ملاحظة نحو التناسب بين الحكم والموضوع انّ العلّة من ايجاب الزكاة في النقدين هو انّهما مدار المعاملات التجاريّة كالبيع والإجارة والمضاربة وغيرها ، ومن هنا نتمكّن من تعميم الحكم بالإيجاب ليشمل كلّ مال اتّفق ان صار مدار المعاملات التجاريّة ، كالأوراق النقديّة ، كما نتمكّن من نفي الوجوب للزكاة عن النقدين لو أصبح التعامل بهما ثانويا فلم يكونا مدارا في المعاملات رغم بقائهما مضروبين بسكّة المعاملة ، وذلك لأنّ الأحكام تابعة لموضوعاتها وجودا وعدما والمفترض انّ موضوع وجوب الزكاة ليس هو النقدين المضروبين بسكّة المعاملة بل هو المال الواقع مدارا في المعاملات كما هو مقتضى العلّة المستنبطة بواسطة المناسبات العقليّة.
والإشكال على هذا القسم من أقسام العلّة المستنبطة انّه وسيلة عائمة لا تخضع لضوابط علميّة معرفية فإنّ مدركات العقل لا تخلو امّا أن تكون من قبيل مدركات العقل النظري أو انّها من قبيل مدركات العقل العملي فلا بدّ من إثبات انّ هذه المناسبة العقليّة راجعة لأحد هذين المدركين العقليين وإلاّ فلا تعدو الوهم أو الظن.
وبتعبير آخر : انّ المدركات العقليّة بقسميها لا تكون إلاّ قطعيّة فليس للعقل أحكام أو قل مدركات ظنيّة ، فالعقل إمّا أن يدرك الشيء بنحو قطعي أو لا يدركه أم ان يحتمله أو يظنّه فهذا يساوق عدم الإدراك والحكم.
وحينئذ نقول : انّ المولى جعل الوجوب على موضوع ولم يصرّح