ذلك ناشئ عن النكتة المقتضية للتعارف والتباني.
والبحث في المقام عن صلاحيّة العرف للكشف عن مجموعة من الأمور :
الأمر الأوّل : صلاحيته للكشف عن الحكم الشرعي.
الأمر الثاني : صلاحيته لتحديد موضوعات الحكم الشرعي.
الأمر الثالث : صلاحيته لتحديد المراد من الخطابات الشرعيّة.
أما الأمر الأول : فالبحث عنه من جهتين :
الجهة الاولى : هي انّه هل يكون التعارف والتباني على شيء ولو من قبل جميع العقلاء مناطا لجعل الشارع حكما مناسبا لذلك التعارف والتباني بحيث يكون التعارف معبّرا دائما عن موافقة الشارع لما عليه العرف أو لا؟
المستظهر من كلمات بعض العامة انّ الامور المتعارفة من مناطات الأحكام ، بمعنى انّ نفس التعارف على شيء يكون ملاكا لجعل الشارع الحكم على طبقة ، وهذا هو مبرّر استكشاف حكم الشارع بواسطة الامور العرفيّة.
واستدلوا لذلك بمقطوعة ابن مسعود « بأنّ ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن » (١) بتقريب انّ استحسان المسلمين لفعل وتعارف البناء عليه بينهم يكون مناطا لقبول الشارع لذلك الفعل وجعل الحكم على ما يتناسب مع المتعارف عندهم.
واستدلّوا أيضا بمجموعة من الموارد التي تطابق فيها حكم الشارع مع ما هو متعارف عند العرب كوضع الدية على العاقلة وتحديد مقدار الدية بما هو محدّد عند العرب.
إلاّ انّ كلا الدليلين لا يصلحان لإثبات الدعوى.
أما الدليل الاول : فبالإضافة إلى عدم احراز انّها رواية واحتمال انّها من كلام ابن مسعود رحمهالله ؛ وذلك لكونها مقطوعة وغير منسوبة للنبي الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم بالإضافة لذلك فهي غير ظاهرة في الدعوى بل هي تحتمل أكثر من معنى :