الظاهر انّه لم يستشكل أحد في جريان الاستصحاب في الزمان المتقدّم ، وذلك لتوفّره على ركني الاستصحاب حيث انّ المكلّف كان عالما بتحقق الحادث ثم شك في بقائه ، واحتمال كونه زمان الارتفاع لا يلغي الشك ، لعدم الجزم بأنّ الزمان الأول هو زمان ارتفاع الحادث ، وعليه لا بدّ من استصحاب بقاء الحادث الى حين القطع بارتفاعه والذي هو الزمان الثاني ، نعم جريان الاستصحاب قبل الزمان الثاني منوط بترتّب أثر شرعي على بقاء المستصحب الى الزمان الثاني.
ومثال ذلك : ما لو علمت المرأة بأنّها على حدث الحيض ثم قطعت بارتفاع حدث الحيض إلاّ ان زمان الارتفاع مردد عندها بين أول الفجر أو عند شروق الشمس ، فهنا لا ريب في انتفاء آثار الحادث عند شروق الشمس ، انّما الكلام فيما قبل الشروق. والظاهر ـ كما ذكرنا ـ انّ فترة ما قبل الشروق والتي تبدأ بأول الفجر مجرى لأصالة الاستصحاب إلاّ انّ جريان الاستصحاب ـ كما ذكرنا ـ منوط بوجود أثر شرعي مترتّب على بقاء حدث الحيض الى الفجر أو قل الى ما قبل الشروق ، كعدم وجوب القضاء لصلاة الصبح ، إذ انّ عدم وجوب القضاء أثر شرعي لبقاء الحيض.
نعم لو كان عدم وجوب القضاء مترتّب على انتفاء حدث الحيض عند الشروق فإنّ الاستصحاب لا يجري ، وذلك لأنّ غاية ما يثبته الاستصحاب هو بقاء حدث الحيض الى ما قبل الزمان الثاني ، والمفروض انّ ذلك ليس هو موضوع عدم وجوب القضاء حيث افترضنا انّ موضوعه هو انتفاء الحدث عند الشروق ، نعم يثبت انّ انتفاء الحدث كان عند الشروق بواسطة اللازم العقلي ، إذ انّه حينما نستصحب بقاء الحدث الى الزمان