لكنها مما يرفع استبعادات الاوهام عن الاخبار الواردة في الرجعة وطول امتداداتها فإنها أيضا داخلة في زمان عمر الدنيا ، فإذا حسبت تلك الازمان مع ما ورد في بعض الاخبار من أزمنة كون غير آدم وأولاده في الارض يصير قريبا مما ذكر بعض هؤلاء الجماعة. وبالجملة كل من الامرين مما يصلح أن يصير سببا لرفع الاستبعاد عن الآخر.
ثم إن بعض المتصدين لحل هذا الخبر سلك مسلكا أوحش وأغرب حيث قال : السنة في العرف تطلق على الشمسية التي هي عبارة عن عود الشمس بحركتها الخاصة لها إلى الوضع الذي فرض أولا كأول الحمل مثلا الذي يتساوى عند حلولها فيه زمان الليل والنهار تقريبا بعد أن كان الليل أطول في معظم المعمورة ، وعلى القمرية التي هي عبارة عن عود القمر إلى وضعه المفروض أولا مع الشمس في سمت الحركة اثنتا عشرة مرة كل مرة تسمى شهرا ، وقد علم بالتجربة والرصد أن زمان الاولى يكون ثلاثمأة وخمسة وستين يوما وكسرا من يوم ، وزمان الثانية ثلاثمأة وأربعة وخمسين يوما وكسرا ، ولو فرض فارض كون الشمس أسرع حركة بحيث تتم دورتها في ثلاثمأة وستين بلازيادة ونقصان والقمر بحاله يكون مقدار السنة القمرية أيضا ثلاثمأة وستين يوما كل شهر ثلاثون يوما كما لا يخفى على المحاسب ، وحينئذ لم يكن اختلاف بين السنة القمرية والشمسية ، لكن قد جعل الله سبحانه زمان الشمسية أكثر من ذلك بقريب من سنة أيام وزمان القمرية أنقص بنحو ذلك لمصالح تعود إلى مخلوقاته في السماوات و الارضين ينتظم بها النظام الاكمل الذي لا يعلم كنهه إلا هو ، فلعل هذا هو المراد من جعل السنة ثلاثمأة وستين وحجز الستة الايام عنها ، بل لا ينقبض العقل من أن يكون المراد بخلق السماوات والارض في ستة أيام ذلك ، أعني على اختلاف نظام لحركة السماويات خصوصا النيرين اللذين قدرت بهما الشهور والاعوام والليالي والايام ، وغير ذلك من مصالح الانام ، قدر ذلك الاختلاف ستة أيام في كل سنة فليتفكر جدا في ذلك « انتهى ».