______________________________________________________
إحدى عيني الواثق ، فقلت : لا إله إلا الله هذه العين التي فتحها من ساعة فاندق سيفي هيبة لها صارت طعمة لدابة ضعيفة.
وبعد موته بويع المتوكل على الله جعفر بن المعتصم وكان عمره ستا وعشرين ، وقال : قبض المتوكل على محمد بن عبد الملك الزيات وحبسه لتسع خلون من صفر ، وكان سببه أن الواثق استوزر محمد بن عبد الملك وفوض الأمور كلها إليه ، وكان الواثق قد غضب على أخيه جعفر المتوكل ووكل عليه من يحفظه ويأتيه بالأخبار فأتى المتوكل إلى محمد بن عبد الملك يسأله أن يكلم الواثق ليرضي عنه فوقف بين يديه يكلمه ، ثم أشار بالقعود فقعد فلما فرغ من الكتب الذي بين يديه التفت إليه كالمتهدد ، وقال : ما جاء بك؟ قال : جئت لتسأل أمير المؤمنين الرضا عني ، قال لمن حوله : انظروا يغضب أخاه ثم يسألني أن أسترضيه ، اذهب فإنك إذا صلحت رضي عنك ، فقام عنه حزينا فأتى أحمد بن أبي داود فقام إليه أحمد واستقبله إلى باب البيت وقبله ، وقال : ما حاجتك جعلت فداك؟ قال : جئت لتسترضي أمير المؤمنين قال : أفعل ونعمة عين وكرامة ، فكلم أحمد الواثق فيه فوجده لم يرض عنه ثم كلمه فيه ثانية فرضي عنه وكساه.
ولما خرج المتوكل من عند ابن الزيات كتب إلى الواثق أن جعفرا أتاني في زي المخنثين له شعر بقفاه يسألني أن أسأل أمير المؤمنين الرضا عنه ، فكتب إليه الواثق ابعث إليه فأحضره ومر من يجز شعره فيضرب به وجهه ، قال المتوكل : لما أتاني رسوله لبست سوادا جديدا وأتيته رجاء أن يكون قد أتاه الرضا عني ، فاستدعى حجاما فأخذ شعري على السواد الجديد ، ثم ضرب به وجهي ، فلما ولي المتوكل الخلافة أمهل حتى كان صفر فأمر إيتاخ (١) بأخذ ابن الزيات وتعذيبه فاستحضره فركب يظن أن الخليفة يطيبه ، فلما حاذى دار إيتاخ عدل به إليه ، فخاف فأدخله حجرة ووكل عليه وأرسل إلى منازله من أصحابه من هجم عليهم وأخذ كل ما فيها
__________________
(١) ايتاخ : اسم رجل من عمّال المتوكل.