وعلى هذا النحو تتبين معالم التجديد في سائر أغراض الشاعر كالرثاء والغزل والوصف والشعر الوطني والحماسي. وفي هذا الأخير نلحظ بوادر تجديدية للشاعر من خلال تناوله لشخصية البطل التي عليها مدار القصيدة الحماسية. فالفرطوسي يعمد إلى ذكر البطل من أجل الاشادة ببطولاته وبث روح الحماس في قلوب الناس والاهتمام برسالته التي تحمل في طيّاتها مُثلاً سامية ومبادئ قيمة مثل الدفاع عن الوطن والذود عن سيادته واستقلاله. فالهدف مبادئ البطل لا البطل ذاته (١).
وللفرطوسي في هذا الشأن منظومات كثيرة ، منها ما قاله مخاطباً أبطال سوريا ولبنان إثر سقوط القدس القديمة بيد الجيوش العربية في حرب فلسطين عام ١٩٤٨ م :
أبطال ( سوريـا ) و( لبنـان ) ردوا |
|
حوض المنـايا أو يُـردُّ ما سلـب |
فأنتم السـراةُ فـي كلّ وغـىً |
|
وأنتـم الغـزاة فـي كـل لجب |
كـم سبحت بكم خيـول وهفت |
|
علـى رؤوسكـم بنـودٌ وعذب |
للآن فـي ( الروم ) لكم وقـائـع |
|
بمسمـع الدهر لوقعهـا صخـب |
فـاجتهدوا وشيدوا مـن العلى |
|
« لآل حمـدان » عـروشاً وقبب |
تقـدموا إلى الـوغى لتـرجعـوا |
|
أعـداءكم نـاكصةً على الـعقب |
وكيـف تُثنـون وألـفُ قـائـدٍ |
|
مثل «أبي فراس» منكم في (حلب)(٢) |
ولم يكتف الشاعر بالتجديد في الموضوعات والأغراض فحسب بل دعا الشعراء إلى النهوض بالشعر والتجديد في مواضيعه ومضامينه حسب مقتضيات
__________________
١ ـ عبدالحسين المبارك : ثورة ١٩٢٠ في الشعر العراقي ، ص ١٦٤.
٢ ـ ديوان الفرطوسي ، ج ١ ، ص ٢٤٦.