مطارح الأنظار - ج ٤

الميرزا أبو القاسم الكلانتري الطهراني

مطارح الأنظار - ج ٤

المؤلف:

الميرزا أبو القاسم الكلانتري الطهراني


المحقق: علي الفاضلي
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: معهد الإمام الخميني والثورة الإسلامية
المطبعة: مؤسسة العروج
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-7986-37-3
الصفحات: ٧٨١

إلى أن قال : فاتّضح ممّا حقّقنا أنّ الفاضل المذكور قد خلط بين المقامين من حيث إنّ صدر كلامه يدلّ على مصيره إلى الجواز في المقام الأوّل ، وذيله على إثبات الجواز في المقام الثاني ، واتّضح أيضا ضعف دليله وعدم مساعدة ما استشهد به من كلام الأصحاب على ما أرسله ، فثبّت ولا تغفل (١) ـ (٢) ، انتهى ما أورده الملخّص (٣) في الفصول بتغيير (٤) وإسقاط ما وتلخيص في الجملة.

أقول ـ وبالله التوفيق وهو الهادي إلى كلّ الصواب وحقّ الصواب (٥) ـ : ولقد أجاد المعترض في بعض ما أورده ولكنّه ما أجاد في الكلّ ، وتوضيح المقام وتحقيقه أنّ الاستصحاب تارة : يلاحظ بالنسبة إلى سائر الأصول المعمولة في موارد الشكّ من أصالة البراءة والطهارة والاشتغال ونحوها ، ولا شكّ في تقديم الاستصحاب على تلك الأصول ؛ لأنّ ما دلّ على اعتبارها مغيّا بغاية تتحقّق (٦) بالاستصحاب كأمثال الأدلّة الاجتهادية لفظية أو غيرها ، وأخرى : يلاحظ بالنسبة إلى الأدلّة الاجتهادية من العمومات المنجّزة كقوله تعالى : ( أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ )(٧) ونحوه من عمومات الحلّ كقوله : ( خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً )(٨) فإنّ التحقيق على ما عرفت فيما قدّمنا في أصالة الاباحة عدم دلالتها على إثبات الحلّ في مقام الشكّ والظاهر كما هو المراد بالأصل ، ومثل قوله تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ )(٩) ممّا يستفاد من مساقها أو من دليل خارجي من الاستثناء ونحوه استمرار الأحكام المدلول عليها بتلك العمومات ، وقد عرفت فيما مرّ من التحقيق أنّ العامّ المقصور على استغراق الأفراد ممّا لا كلام فيه.

__________________

(١) « ز ، ك » : فلا تغفل.

(٢) الفصول : ٢١٤ ـ ٢١٥.

(٣) « ج ، م » : ـ الملخّص.

(٤) « ز ، م » : بتغيّر.

(٥) « ز ، ك » : ـ وبالله ... الصواب.

(٦) في النسخ : يتحقّق.

(٧) المائدة : ٤ و ٥.

(٨) البقرة : ٢٩.

(٩) المائدة : ٣.

٣٤١

وأمّا المستغرق للأزمان فقد عرفت انقسامه إلى عموم دائمي استمراري ، وإلى عموم أزماني استغراقي.

لا كلام في جريان الاستصحاب في القسم الأوّل من دون أن يكون مخصّصا للعامّ ؛ إذ التخصيص فرع الارتباط ، والمفروض عدم دلالته عليه في كلّ زمان فلا ارتباط فلا تخصيص.

وأمّا القسم الثاني فقد مرّ أنّ المخصّص ربّما يكون معلّقا على موضوع فيستصحب ذلك الموضوع وليس من التخصيص في شيء ، وقد يكون الشكّ في حصول الحدّ فيستصحب وليس من التخصيص في شيء ، وقد يكون عنوان المخصّص مهملا فيمكن استصحابه لو (١) لا العموم فلا يجري فيه الاستصحاب نظرا إلى ورود الدليل الاجتهادي على العملي كائنا ما كان ، وقد يكون الدليل عامّا شاملا لتمام أفراد الزمان على حسب ما لاحظها الآمر في مقدار الزمان ، سواء كان ذلك العموم مستفادا من عنوان العامّ أو من عقل أو نقل ونحوهما ، فلا بدّ من الأخذ بعموم العامّ وليس من مجرى الاستصحاب في شيء ؛ لأنّ المفروض كونه مقيّدا (٢) بالزمان وبعد زوال القيد وحصول قيد آخر للحكم يصير فردا آخر قطعا ، ولا يمكن انسحاب حكم فرد قطعي المغايرة (٣) لفرد آخر فيه.

فاتّضح ممّا حقّقنا أنّ الفاضل المذكور إنّما خلط بين الأدلّة التعليقية الدالّة على أحكام الشكّ وبين غيرها ، وما استشهد به (٤) من كلام الفقهاء إنّما هو من هذا القبيل. وأمّا الاستشهاد بعمومات الحلّ فلعلّه مبنيّ على ما نبّهنا عليه من أنّ متمسّك البعض في مقام إثبات الإباحة الأصلية هو هذه العمومات والمعترض المذكور إنّما خلط بين الكلّ وإن أصاب بعض الحقّ في عدم جواز ورود الاستصحاب كائنا ما كان على

__________________

(١) « ج ، ز ، ك » : ـ لو.

(٢) « م » : مقيّدة.

(٣) « ز ، ك » : فرد المغاير.

(٤) « ج ، م » : ـ به.

٣٤٢

الدليل اللفظي الاجتهادي ، فتارة يظهر من كلامه تقديم الاستصحاب على الأدلّة التعليقية ، وأخرى تقديم الاستصحاب الموضوعي على غيره ، وقد يظهر منه عدم جريان الاستصحاب في غير العموم المعلّق حكمه على العلم وغير استصحاب الموضوع مع أنّك تحقّقت جريانه في القسم الأوّل وليس من العمومات المعلّقة على العلم حكما ، وقد يظهر منه مدافعة العامّ للاستصحاب فيما لا يجري لكونه اجتهاديا ، وليس كذلك ؛ لما عرفت من أنّه (١) بعد ما صار الزمان قيدا لكلّ فرد من أفراد الحكم الواقع فيه يختلف الأفراد باختلاف الأزمنة ، وبعد الاختلاف ليس من محلّ الاستصحاب في شيء حتّى يكون ارتفاعه بواسطة الدليل ، بل بواسطة عدمه لعدم (٢) محلّه ومجراه كما (٣) هو ظاهر (٤).

__________________

(١) « ج ، م » : أنّ.

(٢) « م » : عدم تقدّم.

(٣) « م » : فيما.

(٤) « ز » : كما مرّ هو الهادي. « ك » : كما مرّ والله الهادي.

٣٤٣
٣٤٤

هداية

[ ( في الاستصحاب ) في الأمور التدريجية ] (١)

المستصحب قد يكون من الأمور التي تجتمع (٢) أجزاؤها في الوجود الخارجي كالرطوبة (٣) واليبوسة ونحوهما ، وقد يكون ممّا ليس له جزء (٤) خارجي (٥) كالطهارة والنجاسة والملكية والحلّية والحرمة ونحوها ، لا إشكال في جريان الاستصحاب في هذين القسمين على تقدير اجتماع سائر الشرائط على التفاصيل المتقدّمة ، وقد يكون ممّا لا يجتمع أجزاؤه في الوجود الخارجي كالتكلّم والمشي والجريان ممّا ينتهي إلى مقولة الحركة أو ما ينتزع منها من الأوصاف اللازمة لها كمقدارها (٦) ـ مثلا ـ ممّا ينقضي شيئا فشيئا كالليل والنهار والشهر ونحوها ، وقد يظهر من البعض (٧) تمثيله لذلك بالكرّية وليس في محلّه ؛ لأنّ الكرّية ليست (٨) من الأمور التدريجية وإنّما تحصل دفعة وإن توقّف حصولها كذلك على اجتماع أجزاء متفرّقة في الأزمنة المختلفة في بعض الأوقات ، وإلاّ فيمكن (٩) حصولها بدون ذلك أيضا ، وهل يمكن القول بجريان

__________________

(١) العنوان من هامش « م ».

(٢) المثبت من « م » ، وفي سائر النسخ : يجتمع.

(٣) في هامش « م » : لا يخفى أنّ ما ذكرنا من الرطوبة يصحّ باعتبار المحلّ وحينئذ فيصحّ في الجميع ، فتدبّر. « منه ».

(٤) « ز ، ك » : جزئي.

(٥) « ج » : خارجيا.

(٦) « ز ، ك » : لمقدارها.

(٧) « ز ، ك » : بعضهم.

(٨) « ز ، ك » : ليس.

(٩) « ز ، ك » : فيكون.

٣٤٥

الاستصحاب في هذا القسم؟ الحقّ نعم لو لم نأخذ بضبط أمر الموضوع واعتمدنا في إحرازه على المسامحة العرفية ، وأمّا إذا قلنا بالتدقيق في الموضوع فلا يجري الاستصحاب ؛ لأنّ الموجود من الأجزاء في الأمور التدريجية قد ارتفع قطعا وغير الموجود في ذلك الزمان غير معلوم الوجود ، بل قضيّة الأصل عدمه ، إلاّ أنّه لا بدّ أن يعلم من ملاحظة كلمات العلماء أخباريا وأصوليا جريان الاستصحاب في تلك الأمور عندهم فلعلّ الأمر عندهم مبنيّ على التسامح ، وليس بذلك البعيد في أمثال الأمور المفروضة كالتكلّم والمشي فإنّ الموضوع عندهم أمر اتّصالي قارّ ولو بحسب ما يؤدّي إليه أنظارهم وإن كانت قاصرة عن الوصول إلى ما هو الواقع فيها وقد يتراءى أن يكون المستصحب هو العزم على التكلّم أو المشي ، أو المادّة في جريان النهر ، وعدم الاعتداد بما يمنع عن وقوع هذه الأمور بعد إحراز العزم والمادّة ، فيكون الاستصحاب مرجعه (١) إلى استصحاب الأمر العدمي ولا يعقل التدريج في الأمور العدمية (٢) ، هذا إنّما يتمّ في الأمور التدريجية التي تقع (٣) في الزمان ، وأمّا نفس الزمان فربّما يقوّى في النظر عدم جريان الاستصحاب فيه ولو بعد مراعاة المسامحة العرفية كما لا يخفى ، سيّما بعد ملاحظة ظهور أخبار الباب في مثل الزمان وعدم إمكان حصول الظنّ ببقائه.

نعم ، في الزمان استصحاب عدمي لا غبار عليه كاستصحاب عدم وصول الشمس إلى دائرة (٤) نصف النهار ، وعدم استتار القرص ، وعدم وصوله إلى الأفق (٥) ، ونحو ذلك كاستصحاب عدم طيّ المسافة المفروضة في البروج التي تدور الشمس في منطقتها (٦) ، إلى غير ذلك ، وقد عرفت أنّ تلك الأعدام ممّا لا يصحّ وصفها بالتدريجية ، بل هي أمور مستمرّة معلومة مستصحبة إلى زمن العلم بارتفاعها ؛ لوجود علّة الوصول إلى

__________________

(١) « ز ، ك » : فيكون مرجع الاستصحاب.

(٢) « ز ، ك » : التدريجية.

(٣) « ج ، م » : يقع.

(٤) « ج ، م » : ـ دائرة.

(٥) « ز ، ك » : الأرض.

(٦) « ز ، ك » : منطقها.

٣٤٦

تلك الحدود من المسافة (١) ، فلاحظ وتدبّر فإنّ الأمر بمكان من الغموض والخفاء في بعض الموارد من الزمانيات والزمان (٢).

__________________

(١) « ج ، م » : المسافات.

(٢) « ز ، ك » : ـ وتدبّر ... والزمان.

٣٤٧
٣٤٨

هداية

[ في استصحاب الكلّي ] (١)

إذا شككنا في بقاء القدر المشترك والجنس بعد العلم بزوال فرد منه فهل يمكن الأخذ باستصحاب الجنس والقدر المشترك في إثبات بقائه ولو في فرد آخر أو لا؟ و (٢) تحقيق الكلام أنّ هاهنا (٣) صورا عديدة :

الأولى : أن يكون ذلك الأمر المشترك غير معيّن في ضمن أحد الفردين ابتداء ، بل يكون مردّدا بين فردين أحدهما قطعي الارتفاع ، فلو كان المشترك متقوّما بقوامه فقد ارتفع قطعا ، ولو كان متحقّقا بتحقّق غيره فهو باق قطعا.

الثانية : أن يكون وجوده معلوما في ضمن معلوم معيّن قطعي الارتفاع مع احتمال تقوّمه بفرد مماثل له نوعا.

الثالثة : أن يكون كالثانية مع احتمال تبدّله بفرد متّحد معه في الجنس.

لا إشكال في جريان الاستصحاب على المسامحة العرفية في ضبط الموضوع بالنسبة إلى القدر المشترك في الأولى من الصور ؛ لعدم مدخلية الخصوصية المعلومة الارتفاع في الحكم المترتّب على نفس الأمر المشترك بين الفردين ، فإنّ المطلوب بالاستصحاب على ما عرفت مرارا هو الأخذ بلوازم المستصحب فقط ، ففي المقام لا

__________________

(١) عنونه في هامش « م » بـ « في استصحاب القدر المشترك بعد ارتفاع فرد خاصّ ».

(٢) كذا. والأنسب بدون « و ».

(٣) « ز ، ك » : هنا.

٣٤٩

وجه للأخذ بأحكام إحدى الخصوصيتين باستصحاب القدر المشترك.

وذلك كما في استصحاب كلّي الحدث المشترك بين الأصغر والأكبر فإنّه يترتّب عليه أحكام مطلق الحدث من عدم جواز الدخول في المشروط بالطهارة من صلاة أو (١) طواف ونحوهما (٢) ، ولا يحكم بأنّه الجنابة مثلا ، فيجوز له الجواز في أحد المساجد واللبث في غيرها ، وأمّا وجوب الغسل عليه فهو بواسطة وجوب الدخول فيما هو مشروط بالطهارة وتحصيل القطع بالطهارة الواقعية التي (٣) لا تحصل إلاّ بعد الغسل كما لا يخفى. وبالجملة : فكلّ واحد من موجبات الوضوء والغسل أمر حادث والأصل عدمه ، وليس الأخذ به مجديا فيما نحن بصدده إلاّ أنّ أصل (٤) الحدث المشترك أمر معلوم والأصل بقاؤه إلى حدوث رافعه ، ووجوب الغسل عليه قد عرفت الوجه فيه ، نعم لو كان الوضوء محمولا على غير الجنب كما يظهر من قوله : ( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا )(٥) على بعض الوجوه ، كان لإثبات وجوب الوضوء بعد عدم وجوب الغسل بانتفاء موضوعه بالأصل وجه ، ومن هذا القبيل استصحاب بقاء النجاسة المردّدة بين كونها ممّا ترتفع بغسلة واحدة أو بغسلتين. واستصحاب بقاء الاشتغال بالأمر الواقعي الواقع على الظهر أو الجمعة بعد فعل أحدهما.

ومن هنا يظهر جريان الاستصحاب في هذه الصورة بناء على التدقيق أيضا ، وليس هذا من الاستصحاب العرضي في شيء ؛ لأنّ الحكم في الجهة المعلومة قد ارتفع (٦) قطعا والجهة المشكوكة مشكوكة من أوّل الأمر بخلاف مثل استصحاب الاشتغال ، فإنّ المعلوم أوّلا هو القدر المشترك بين الأفراد ، فالخصوصيات خارجة عن المعلوم وانتفاؤها لا يوجب ارتفاع المعلوم ، فيستصحب إلى حصول العلم بالارتفاع.

__________________

(١) « ز ، ك » : و.

(٢) « ج ، م » : نحوها.

(٣) « ج » : « وهي » بدل : « التي ».

(٤) « ز ، ك » : الموصل.

(٥) المائدة : ٦.

(٦) « ز ، ك » : لارتفع.

٣٥٠

وبالجملة : فهذه الصورة والاستصحاب العرضي متعاكسان في كيفية العلم بالمشترك والخصوصيات ، فإنّ المعلوم في الأخير هو الخصوصية كالمشكوك والمشترك معلوميته حاصل من معلومية الخصوصية ، بخلاف الصورة هذه فإنّ المعلوم أوّلا هو القدر المشترك ويتبعه الحكم بلزوم الإتيان بالفرد فيستصحب إلى أن يحصل العلم بالارتفاع.

وأمّا الثانية : فكالأولى في جريان الاستصحاب بعد البناء على المسامحة العرفية ، وأظهر الأمثلة في ذلك ما لو تبدّل أحد أفراد الماهيّة المشكّكة المختلفة شدّة وضعفا بالآخر ، كما إذا علمنا بارتفاع السواد الشديد ، ثمّ شككنا في قيام الفرد الضعيف مقامه فإنّهم بانون في مثله على استصحاب مطلق السواد كما يظهر من استصحاب كثرة السهو فيما لو كانت قائمة على فرد شديد معلوم الارتفاع ، ثمّ يشكّ (١) في ارتفاع الماهيّة وانقلاب محلّه متّصفا بضدّه أو اتّصافه بفرد مماثل له في الماهيّة الضعيفة ، وكذا في استصحاب كثرة السفر.

وأمّا الثالثة : فكما إذا علمنا بوجود إنسان في الدار يشكّ في تبدّله حمارا (٢) بعد القطع بارتفاعه ، فالتحقيق عدم جريان الاستصحاب فيه كما هو ظاهر بناء على الدقّة في الموضوع ، وأمّا العرف فقد (٣) يتسامح في مثل ذلك فيحكمون ببقاء الحيوان المشترك ؛ لأنّ القدر المشترك هو ممّا لا يختلف باختلاف الأفراد والمفروض وجوده في الخارج والأصل بقاؤه إلى ثبوت رافعه.

لكنّ الإنصاف أنّ جريان الاستصحاب في بعض أقسام هذه الصورة وبعض الأمثلة فيها كاد أن يكون بطلانه من أجلى البديهيات وأعلى (٤) الضروريات وإن كان الأستاد دام علاه مصرّا على توجيه الاستصحاب فيه مراعاة لمذاق القوم ، وغاية ما

__________________

(١) « ز ، ك » : نشكّ.

(٢) المثبت من « ج » وفي سائر النسخ : حجارا.

(٣) « ج ، م » : + يقال.

(٤) « ز ، ك » : ـ البديهيات وأعلى.

٣٥١

يمكن أن يتعسّف في المقام هو أن يقال : إنّ العرف ربّما يتخيّلون الموضوع في هذه الاستصحابات أمرا قارّا مستمرّا غير مختلف باختلاف الأفراد ولا متفاوت (١) بتفاوت الآحاد ، كما يظهر من استصحاب بقاء السلسلة الفلانية والقبيلة الكذائية ، أو استصحاب بقاء النوع أو عمارة البلد أو القرية مثلا ، فكأنّ المعلوم أوّلا عندهم هو ما يقضي (٢) بوجود ذلك النوع أو السلسلة (٣) كما عرفت في استصحاب جريان النهر (٤) ، ومنه حكمهم باستصحاب الحيض فيما رأت الدم بعد أيّام قرئها وقبل كمال (٥) العشرة ، ومنه الحكم باستصحاب النجاسة فيما لو زال التغيّر (٦) في جهة مع الشكّ في حدوث التغيّر من جهة أخرى. وكيف كان فليس (٧) أمر الاستصحاب عندهم مبنيّا على المداقّة حتّى أنّ من ذهب إلى تجدّد الأكوان وتبدّل الأمثال في الأعراض كالنظّام إنما يتمسّك بالاستصحاب فيما لو شكّ في بقاء الكون الموجود أو العرض (٨) المفروض مع اختلاف الأفراد المتتالية على تقدير الوجود ، ولهذا لم نر أحدا أحال الاستصحاب على بقاء الأكوان وتجدّد الأمثال وعدمه.

وبالجملة : الذي يظهر لنا عدم جريان الاستصحاب عند الدقّة في الصورتين الأخيرتين ؛ لأنّ المطلوب في هذا الاستصحاب وإن كان هو الأمر الكلّي الذي لا يختلف باختلاف الأفراد إلاّ أنّه لم يكن بنفسه موجودا معلوما وإنّما كان موجودا في الخارج باعتبار وجود الفرد ، فوجوده أوّلا قطعنا بارتفاعه ، وثانيا لم يعلم به ولو كان على تقدير الوجود غير مختلف مع الأوّل والأصل عدمه ، بل لو كشف الغطاء عن

__________________

(١) « ز ، ك » : يتفاوت.

(٢) « ج » : يقتضي.

(٣) في هامش « م » : ولعلّ الوجه في استصحاب بقاء السلسلة والنوع أو نسل بني فلان عدم العلم بانعدام الموجودين منهم فيخرج عن مفروض الصورة ، فتدبّر.

(٤) عرفت في ص ٣٤٥ ـ ٣٤٦.

(٥) « ج ، م » : تكامل.

(٦) « ج » : التغيير ، وكذا في المورد الآتي.

(٧) « ز ، ك » : فكيف كان ليس.

(٨) « ز » : الفرض.

٣٥٢

وجه المطلوب لكنت أقول : إنّ قضيّة ما ذكرنا عدم جريان الاستصحاب في الصورة الأولى أيضا ، وأمّا عرفا فيختلف فيه الأمثلة في الصورتين على ما عرفت ، فربّما نقطع (١) بالمسامحة وربّما نقطع بعدمها ، فالأمر في تشخيص ذلك في غاية الإشكال ونهاية الصعوبة ، فتدبّر.

ثمّ إنّ الفاضل التوني قد أورد في الوافية كلاما يقرب ممّا ذكرنا حيث قال : الرابع : أن يكون الحكم الشرعي المترتّب على الأمر الوضعي المستصحب ثابتا في الوقت الأوّل ويكون الحكم في الوقت الثاني فرعا لثبوته (٢) في الأوّل ، فإذا لم يثبت في الزمان الأوّل فكيف يمكن إثباته في الزمان الثاني؟ ثمّ فرّع عليه عدم إمكان إثبات النجاسة باستصحاب عدم المذبوحية في الجلد المطروح ؛ لأنّ النجاسة لم تكن (٣) ثابتة في وقت الحياة ، قال : والسرّ فيه أنّ عدم المذبوحية لازم لأمرين : الحياة ، والموت حتف أنفه ، والموجب للنجاسة ليس هذا اللازم من حيث هو هو بل ملزومه الثاني أعني الموت حتف أنفه ، فعدم المذبوحية لازم أعمّ لموجب النجاسة ، فعدم المذبوحية العارض للحياة مغاير لعدم المذبوحية العارض للموت حتف أنفه ، والمعلوم ثبوته في الزمان الأوّل هو الأوّل لا الثاني وظاهر أنّه غير باق في الزمان الثاني ، ففي الحقيقة يخرج مثل هذه الصورة من الاستصحاب ؛ إذ شرطه بقاء الموضوع وعدمه هنا (٤) معلوم.

قال : وليس مثل المتمسّك بهذا الاستصحاب إلاّ مثل من تمسّك على وجود عمرو في الدار في الوقت الثاني باستصحاب بقاء الضاحك المتحقّق بوجود زيد في الدار في الوقت الأوّل ، وفساده غنيّ عن البيان (٥) ، انتهى كلامه.

__________________

(١) المثبت من « ز » وفي سائر النسخ : يقطع.

(٢) في المصدر : الوقت الأوّل إذ ثبوت الحكم في الوقت الثاني فرع لثبوت الحكم.

(٣) « ج ، م » : لم يكن.

(٤) « ج » : هاهنا.

(٥) الوافية : ٢١٠.

٣٥٣

ولقد أجاد فيما أفاد من أصل المدّعى (١) وإن كان ما أجاد فيما فرّع عليه ، أمّا أوّلا : فلأنّ النجاسة ليست من الأحكام المترتّبة على الموت حتف أنفه فهي من لواحق عدم التذكية كما يستفاد من حصر المحلّل في المذكّى في قوله (٢) تعالى : ( وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ ما ذَكَّيْتُمْ )(٣) وفي الخبر : « فما علمت أنّه مذكّى فهو حلال » (٤) فالحرمة والنجاسة إنّما هما (٥) مترتبان في عنوان الأدلّة على عدم التذكية وضدّاهما عليها (٦) ، فاستصحاب عدم التذكية وإن كان لا يجدي في إثبات الموت حتف أنفه ـ لأنّ نفي أحد الأضداد بالأصل لا يوجب إثبات الضد الآخر ؛ لكونه من الأصول التي لا تعويل عليها ـ إلاّ أنّه لا حاجة إلى إحراز الموت في هذه الأحكام.

وأمّا ثانيا : فلأنّ عدم المذبوحية ممّا لا يختلف أبدا فهو عدم واحد مستمرّ مستصحب وهو معلوم حال الحياة ، وبعد إزهاق الروح يشكّ في رفع ذلك الأمر العدمي المعلوم ، والأصل يقضي (٧) ببقائه ، ولا يعقل الترديد بين أن يكون ذلك العدم لازما للحياة أو (٨) الموت حتف أنفه ؛ لعدم التمايز بين قسميه كما في سائر الأعدام ، وبعد إحرازه (٩) بالأصل على ما هو معلوم لكونه مفادا للأصل يترتّب عليه أحكامه المترتّبة عليه ، وعدم نجاسة الجلد (١٠) حال الحياة ممّا لا دخل له في نجاسته بعد الممات وزهوق (١١) الروح.

أفاد الأستاد أدام الله إفاداته (١٢) أنّ في سالف الزمان كنّا نفصّل بين الكلّيات الذاتية

__________________

(١) « ز ، ك » : أجاد في أصل المدّعى.

(٢) « ج ، م » : قوله.

(٣) المائدة : ٣.

(٤) وسائل الشيعة ٣ : ٤٠٨ ، باب ٩ من أبواب النجاسات والأواني والجلود ، ح ٦ ، و ٤ : ٣٥٤ ، باب ٢ من أبواب لباس المصلّي ، ح ١ ، وفيها : « كلّ شيء منه جائز إذا علمت أنّه ذكّي ».

(٥) « ج ، م » : ـ هما.

(٦) « ز » : عليهما.

(٧) « ج » : يقتضي.

(٨) « م » : إذ.

(٩) « ز ، ك » : إحرازها.

(١٠) « ز » : الحلية ، « ك » : عدم النجاسة والحلية.

(١١) « ز ، ك » : إزهاق.

(١٢) « ز ، ك » : ـ أدام الله إفاداته.

٣٥٤

للأفراد وبين العرضية لها (١) في إمكان الاستصحاب وعدمه ، فلا يمكن على الأوّل بخلاف الثاني ، والحقّ الحقيق بالتصديق عدم جريان الاستصحاب حقيقة في الصورتين الأخيرتين ؛ لما قرع سمعك مرارا من أنّ الفرد المتقوّم به الكلّي ذاتيا أو عرضيا قد ارتفع (٢) والفرد الآخر مشكوك والأصل عدمه ، والحكم بوجوده بعد ذهاب الفرد بالاستصحاب قريب من الاستصحاب العرضي وإن كان بينهما فرق في الجملة ، فإنّ الأمر مردّد بين الفرد المقطوع به المعلوم ارتفاعه وبين الشكّ في جهة أخرى مباينة (٣) للجهة المعلومة في الاستصحاب العرضي ، وفي المقام مردّد بين الفرد المعلوم المقطوع بارتفاعه وبين الشكّ في قيام الفرد الآخر مقامه وتطوّر الكلّي بطور وراء طوره الأوّل ، وقد عرفت الفرق بين الصورة الأولى وبينه أيضا فيما تقدّم ، فتدبّر (٤).

__________________

(١) « م » : عرضيتها ، « ج » : عرضيها.

(٢) « ز ، ك » : ـ قد ارتفع.

(٣) « ك » : متساوية.

(٤) « ز ، ك » : ـ فتدبّر.

٣٥٥
٣٥٦

هداية

[ في استصحاب أحكام الشرائع السابقة ]

قد عرفت فيما تقدّم (١) أنّ أمين الأخبارية قد ادّعى اعتبار الاستصحاب في الأحكام الشرعية عند الشكّ في النسخ وعدمه ، بل عدّه من ضروريات الدين وإن لم يأت على ذلك بسلطان مبين ، وهل المراد به أصالة عدم التخصيص التي مرجعها إلى أحد الأصول اللفظية كأصالة عدم القرينة في المجاز وأصالة عدم المخصّص في العامّ الأفرادي ونحوهما ، أو المراد به استصحاب نفس الحكم الشرعي في محلّ الشكّ؟ فنقول : إنّ مقتضى ما اصطلح عليه القوم فيه من أنّه عبارة عن انتهاء مدّة (٢) الحكم لا بدّ من كون الدليل الدالّ على الحكم عامّا بحسب الأزمان وإن لم نقل بوجوب كون الدليل بنفسه عامّا ؛ لإمكان استفادة العموم من الخارج ، وحينئذ لا مناص من أن يكون المراد به أصالة عدم التخصيص ، إلاّ أنّه قد يكون الحكم ثابتا للمكلّف من حيث هو مكلّف مع قطع النظر عن وقوعه في زمان دون زمان بحيث لو وجد في زمان واحد (٣) جميع مصاديق المكلّف كان الحكم متوجّها إليهم غير مختلف بالنسبة إليهم ، فعند ذلك لو شكّ في ثبوت الحكم في الأزمنة المتأخّرة يمكن إبقاء الحكم فيها بالاستصحاب من غير أن يكون راجعا إلى أصل لفظي أصلا ، فإثبات الحكم في

__________________

(١) عرفت في ص ٤٩.

(٢) « م ، ز » : هذه ، « ك » : هذا.

(٣) « ز ، ك » : ـ واحد.

٣٥٧

الزمان (١) الثاني ليس تحكيما للعموم نظرا إلى أصالة العموم وعدم ورود المخصّص في أفراد الزمان ؛ لأنّ المفروض عدم العموم من حيث اللفظ وعدم ما يفيده من الخارج ، وأمّا أدلّة الاشتراك فلا يفيد عموما في الدليل كما لا يخفى ؛ إذ قضيّة الاشتراك لا يزيد على مجرّد الاشتراك كما أنّه ليس بواسطة أدلّة الاشتراك ، لأنّ المقصود جريان استصحاب عدم النسخ مع قطع النظر عن أدلّة الاشتراك ، بل إثبات الحكم المذكور في زمان الشكّ إنّما هو بالاستصحاب ، فموارد الأدلّة الدالّة على ثبوت الأحكام مع قطع النظر عن أدلّة الاشتراك على قسمين : فمنها : ما هي مشتملة على العموم الأزماني ولو بمعونة القرائن الخارجية ، فعند الشكّ في ثبوت تلك الأحكام المدلول عليها بهذه الأدلّة لا بدّ من الأخذ بأصالة عدم التخصيص كما هو المراد من استصحاب عدم النسخ بحسب ما اصطلحوا عليه ، ومنها : ما لا يشتمل (٢) عليه بنفسه ولا يستفاد من الخارج ، فمع قطع النظر عن أدلّة الاشتراك لا بدّ من الأخذ باستصحاب ذلك الحكم والقول بعدم نسخه باختلاف الأزمان.

فإن قلت : إنّ استصحاب عدم النسخ لا يجدي في هذه الأزمنة وبعد انقطاع الوحي؟ لعدم النسخ قطعا فكيف يعقل القول به في هذه الأزمنة؟

قلت : نعم ، ولكنّ المراد عدم نسخة في زمن حياة النبيّ كأصالة عدم القرينة وإن سرى الحكم إلينا بالاستصحاب بعد عدم كون الحكم منسوخا في زمن النبيّ كما هو قضيّة الاستصحاب.

فإن قلت : إنّ عدم ثبوت النسخ في زمن النبيّ لا يجدي في إثبات الحكم في حقّنا ؛ لاختلاف الموضوع في الاستصحاب ، لانعدام المكلّفين الموجودين وانوجاد غيرهم مع عدم العلم بثبوت الحكم في حقّهم ، فلا يجري الاستصحاب.

__________________

(١) « م » : الزمن.

(٢) « ج » : لا يشمل.

٣٥٨

قلت : المقدّر عدم اختلاف الموضوع ؛ لأنّ محلّ الكلام إنّما هو فيما إذا كان الحكم ثابتا لعنوان المكلّف من حيث هو مكلّف ولا يختلف هذا العنوان بالوجود والعدم ، فإنّه لو ثبت الحكم لعنوان من العناوين كالحلّية للغنم و (١) الحرمة للخمر فلا يختلف الحكم في الأفراد الموجودة والمعدومة ، فلو فرضنا اجتماع الأفراد في الوجود كان الحكم ثابتا لها كما أنّه لو كان الكلّ معدوما ، ففيما إذا كان البعض موجودا والآخر معدوما لا ينبغي القول بالاختلاف على ما هو المفروض ، فالشكّ إنّما هو بسبب اختلاف الأزمان الواقع فيها نوع المكلّف ، فالموجود والمعدوم مع قطع النظر عن الشكّ الزماني حالهم بالنسبة إلى شمول الدليل لهم سواء.

وإن أبيت عن ذلك وعسر فهم مثل هذه الأمور الجليّة الواضحة عليك فلنلزمك (٢) بما هو قريب من مذاقك فنفرض شخصا واجدا لزمان النبيّ وزمان غيره بعده فنثبت (٣) الحكم في حقّه بالاستصحاب ويتمّ (٤) في الباقي بالإجماع (٥) المركّب ، ولا يمكن القلب استنادا إلى البراءة ؛ لورود الاستصحاب عليها ، فتأمّل.

هذا إذا كان الحكم ثابتا في شريعة واحدة ، وأمّا إذا تعدّدت الشرائع فهل ينسحب الحكم الثابت في إحداها في الأخرى بالاستصحاب أو لا؟ وجهان ، بل المنقول من القوم قولان ، وفصّل محقّق القوانين (٦) بين ما نقل في الأخرى على طريق المدح لهم ولهذه الأمّة وبين غيره ، ولعلّه ليس تفصيلا في جريان الاستصحاب ، بل هو تفصيل في مجرّد الاتّباع لحكم ثابت في الشرائع السابقة في شريعتنا كما يظهر ممّا عنون به الفصل فإنّه أعمّ من أن يكون ثبوت الحكم بالاستصحاب في شريعتنا أو بغيره ، ومع ذلك فلا يكاد يتمّ ؛ إذ لا شكّ في وجوب اتّباع ما ثبت في شريعتنا ولو بأيّ نحو كان ، والكلام

__________________

(١) « ج ، م » : أو.

(٢) « ز ، ك » : فلألزمك.

(٣) « ج ، ك » : فثبت.

(٤) « ز ، ك » : نتمّ.

(٥) في النسخ : بإجماع.

(٦) القوانين ١ : ٤٩٥.

٣٥٩

إنّما هو في اتّباع الحكم الثابت في الشريعة السابقة ووجوبه في حقّنا لا في العمل بما علمنا بكونه مشروعا في ملّتنا بواسطة نقله من الشرائع السابقة.

وكيف كان فالذي يقتضيه جليّ (١) النظر القول بجريان الاستصحاب (٢) فيما إذا ثبت الحكم في تلك الشريعة لعنوان المكلّف على نحو ما فرضناه في الشريعة الواحدة ، فإنّه لا مانع من الاستصحاب فيه كما أنّه لا مانع من الأخذ بالعموم الثابت في تلك الشريعة والأخذ بأحكامه إن لم يستفد منه اختصاصه بتلك الشريعة ، كما إذا اشتمل على لفظ « أبدا » أو « إلى يوم القيامة » مثلا ؛ لعدم الفارق بين ثبوت الحكم على أحد الوجهين في الشريعة الواحدة أو في الشريعتين.

وقصارى ما يتوهّم في الفرق بينهما : أنّ تبليغ الرسول ممّا له مدخل في الحكم فيختلف الحكمان باختلاف الرسول ، سواء كان الحكم الثابت في لسان أحدهما مخالفا لما ثبت من الآخر أو موافقا لاختلافه باختلاف الحيثية ، ففيما لو شككنا في ارتفاع الحكم الذي جاء به نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله يصحّ الأخذ بالاستصحاب في إثباته في زمن الشكّ ، بخلاف ما لو كان الحكم ثابتا في إحدى الشرائع السابقة فإنّ استصحابه ممّا لا يجدي في ثبوت الحكم في حقّنا ؛ لأنّ الأخذ بواسطة الرسول ممّا هو كجزء موضوع للحكم فلا يصغى إليه وإن قطعنا به ، فضلا من أن يكون مستصحبا ، ولا أقلّ من الشكّ في مدخلية التبليغ في الحكم ومعه لا مسرح للاستصحاب أيضا.

وفيه : أنّه لم يثبت من الأخبار ولا من غيره من طرق الاعتبار مدخلية تبليغ النبيّ في الحكم ، بل إنّما هو مرآة عن الواقع ، وبعد الوصول إلى ما هو الواقع من الأحكام الإلهية لا ينبغي التأمّل في وجوب الأخذ به كما أشبعنا الكلام فيه في المباحث الماضية ، بل ولا يعقل ذلك بعد ما عرفت من أنّ الجهات المحسّنة والمقبّحة علل تامّة وإنّما

__________________

(١) « ز ، ك » : ـ جليّ.

(٢) سيوافيك على ما يقتضيه دقيق النظر عدم جريان الاستصحاب في ص ٣٦٦ ـ ٣٦٨.

٣٦٠