مطارح الأنظار

الميرزا أبو القاسم الكلانتري الطهراني

مطارح الأنظار

المؤلف:

الميرزا أبو القاسم الكلانتري الطهراني


المحقق: علي الفاضلي
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: معهد الإمام الخميني والثورة الإسلامية
المطبعة: مؤسسة العروج
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-7986-36-6
الصفحات: ٦١٥

أمّا أوّلا ، فلأنّ الاستصحاب ممّا لا مجرى له في هذه المقامات على ما نبّه عليه المحقّق الخوانساري (١) حيث إنّ وجوب الكلّ المعلوم قد انتفى قطعا ، ووجوب الباقي المشكوك الآن لم يكن معلوما ؛ لاحتمال مدخلية الانضمام.

وأمّا ثانيا ، فلأنّ دعوى الإجماع المركّب في المقام في غاية الصعوبة.

وأمّا المقام الثاني ، فهل في المقام ما يقضي من الأدلّة العامّة والقواعد الكلّية المشتركة كقوله : « الميسور لا يسقط بالمعسور » (٢) وقوله : « ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه » (٣) وقوله : « إذا أمرتكم بشيء ، فأتوا منه ما استطعتم » (٤) بانقلاب هذا الأصل مطلقا ، أو لا

__________________

(١) مشارق الشموس فى شرح الدروس ١١٠ في شرح قول الشهيد : « والأقطع يغسل ما بقي ولو استوعب سقط » حيث قال : واستدلّ أيضا بالأصل والاستصحاب وأنّ غسل الجميع بتقدير وجوده واجب فإذا زال البعض ، لم يسقط الآخر ؛ لأنّ الميسور لا يسقط بالمعسور ، وفيه ضعف ؛ لأنّ الاستصحاب في مثل هذا الموضع ممّا لا يمكن إجراؤه لأنّ الحكم السابق إنّما هو الأمر بغسل المجموع من حيث هو مجموع أمرا واحدا ، وليس أوامر متعلّقة بكلّ جزء جزء منه ، ولمّا لم يبق متعلّقه هنا فسقط التكليف به ، فلا بدّ في غسل الجزء الباقي من تكليف على حدة وقس عليه أيضا حال قولهم : الميسور لا يسقط بالمعسور ، والحاصل أنّ هذه الدلائل ممّا يشكل إتمامها فالعمدة في التعويل الإجماع.

(٢) عوالى اللآلى ٤ : ٥٨ ، ح ٢٠٥ وفيه : « لا يترك الميسور بالمعسور ».

(٣) عوالى اللآلى ٤ : ٥٨ ، ح ٢٠٧ ، وعدّه من الأمثال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ١٩ : ٧٥. قال العجلوني في كشف الخفاء ومزيل الإلباس عمّا اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس ٢ : ٣٠٥ / ٢٧٥٧ : هو معنى حديث « وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم » وقال النجم : لفظ الترجمة قاعدة وليس بحديث. وكذا قال نحوه في ج ٢ ، ص ١٩٦.

(٤) ورد مرسلا في رسائل السيّد المرتضى ٢ : ٢٤٤ ؛ مجمع البيان ٣ : ٤٢٩ في ذيل آية( لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ) من سورة المائدة : ١٠١ ؛ جوامع الجامع ١ : ٥٣٦ ؛ عوالى اللآلى ٤ : ٥٨ ، ح ٢٠٦ ؛ البحار ٢٢ : ٣١ ، باب ٣٧ ، وورد مسندا في كتب العامّة كصحيح البخارى ومسلم وسنن النسائى وابن ماجة والبيهقى ومصنّف عبد الرزّاق ومسند ابن راهويه وأحمد وأبى يعلى وصحيح ابن خزيمة وابن حبّان ومعجم الأوسط للطبرانى والحديث عامي ولعلّ سرى الاستدلال به في

٥٦١

كذلك ، أو يفصّل بين الأجزاء والشرائط؟ وجوه ، بل لا يبعد القول بأنّها أقوال :

فيحتمل أن يقال بعدمه مطلقا نظرا إلى قصور مستند هذه الروايات عن إثبات مثل هذا الأصل المخالف للقواعد بل ودلالتها أيضا ؛ لظهورها في الواجبات المتعدّدة المستقلّة كما في أفراد العامّ.

ويحتمل أن يقال بالانقلاب نظرا إلى هذه الأخبار فإنّ ضعف السند فيها منجبر بعمل الأصحاب لهذه الروايات في موارد جمّة كما يظهر بالتتبّع في كلماتهم (١) ، ومن ذلك

__________________

كتب الفقهية من كتب العلاّمة كالمنتهى والتذكرة والنهاية ونقله العلاّمة حين ذكر استدلال العامّة من كتبهم.

(١) أوّل من استدلّ بقاعدة الميسور فخر المحقّقين ثمّ من بعده الشهيد الأوّل ومن بعده المحقّق الثاني ثمّ الشهيد الثاني ثمّ متابعوهم وبالغ في ذلك الوحيد البهبهاني في الفوائد الحائرية ( الفوائد الجديدة ) ٤٣٨ فائدة ١٧ قال بعد ذكره حديث إذا أمرتكم ... والميسور لا يسقط ...

وما لا يدرك ... : والأخبار الثلاثة يذكرها الفقهاء في كتبهم الاستدلالية على وجه القبول وعدم الطعن في السند أصلا ، ونقلت في الغوالى عنهم عليهم‌السلام ، ومشهورة في ألسن جميع المسلمين يذكرونها ويتمسّكون بها في محاوراتهم ومعاملاتهم من غير نكير مع جريان الاستصحاب في كثير منها بل جلّها لو لم نقل كلّها ووصفها تلميذه صاحب الرياض كثيرا بالمعتبرة قال عنها في الرياض ٢ : ١٥٤ وفي ط الحجري ١ : ٥٤ : المعتبرة وضعفها بعمل الأصحاب طرّا مجبور ، وأوّل من ناقش في سنده صاحب الحدائق والنراقي وسيأتي نصوص كلماتهم ، إلاّ أنّ فخر المحقّقين والشهيدين والشيخ البهائي ووالده والمحقّق الأردبيلي لم يعبّروا عنها بالحديث والرواية ولعلّها عندهم قاعدة اصطيادية ، وأتعجّب من صاحب المدارك كيف اعتمد عليها مع سلوكه طريقة صعبة في تلقّي الأحاديث بالقبول وينبغي أن أنبّه أنّ المستدلّين بالميسور لم يستدلّوا مستقلاّ بـ « ما لا يدرك كلّه ... » وغالبا استدلّوا بحديث « إذا أمرتكم ... » في تلو الاستدلال بـ « الميسور لا يسقط ... » ونذكر مواردها :

١. ايضاح الفوائد لفخر المحقّقين : ج ١ ، ص ٢٣٢ ، ٢٧٦ ، ٢٨٢ وج ٤ ، ص ١٠٩.

٢. ذكرى الشيعة للشهيد الأوّل : ٨٥ ، ٩٣ ، ٩٧ ، ١٠٨ ، ١١٠ ، ١٨١ ، ١٨٨ ، ١٩٦.

٣. جامع المقاصد للمحقّق الكركي : ج ١ ، ص ٢٣٢ ، ٣٧٢ وأيضا استدلّ بحديث إذا أمرتكم ،

٥٦٢

__________________

٤٩٦ و ٤٩٨ وج ٢ ، ص ٦٦ ، ٦٧ ، ١٦٢ ، ٢٠٢ ، ٢٠٣ وأيضا ح إذا أمرتكم ، ٢٠٧ ، ٢٠٩ ، ٢٣٨ ، ٢٥٠ ، ٢٥٣ ، ٢٨٤ ، ٢٨٨ ، ٣٠١ ، ٣٢١ وج ٣ ، ص ٣٧٢ وأيضا ح إذا أمرتكم ، ١٧٤ وج ٩ ، ص ١٠١ وج ١٠ ، ص ١٥٦ ، ١٩٦ ، ٢٢٢ ، ٢٢٤ وج ١٢ ، ص ٧٥.

٤. رسائل الكركى : ج ٣ ، ص ٢٧٤.

٥. مسالك الأفهام للشهيد الثاني : ج ١ ، ص ١٩٨ ، ٢١٤ وج ٢ ، ص ٢٢١ ، ٤١٧ وج ٦ ، ص ٢٩٤ وأيضا ح إذا أمرتكم وج ٧ ، ص ٩٧ وج ٨ ، ص ١٨٤ وأيضا ح إذا أمرتكم ج ١١ ، ص ٣٠٢ وأيضا ح إذا أمرتكم وج ١٣ ، ص ٤٨ وأيضا ح إذا أمرتكم ، واستدلّ الشهيد أيضا بحديث إذا أمرتكم مستقلاّ في المسالك : ج ٩ ، ص ٥٣٥ وج ١٠ ، ص ١٢٠ ، ٣٣٧ وفي شرح اللمعة : ج ٢ ، ص ٢٩٤ و ٣٠٨.

٦. روض الجنان للشهيد الثاني : ج ١ ، ص ١٠١ و ٢٧٠ وأيضا ح إذا أمرتكم ، ٣٣٧ ج ٢ ، ص ٦٧٠ ، ٦٧١ ، ٦٨٨ ، ٨٣٨ وفي ط الحجري ٣٣ ، ٩٩ وأيضا ح إذا أمرتكم ١٢٥ ، ٢٥١ ، ٢٥٢ ، ٢٥٩ ، ٢٧٨ وأيضا استدلّ مستقلاّ بحديث إذا أمرتكم في الروض ٢ : ٦٧٥.

٧. رسائل الشهيد الثاني : ٢٢٩ ، ٢٣٨ وأيضا ح إذا أمرتكم.

٨. العقد الحسينى لوالد الشيخ البهائي : ص ٤٦.

٩. مجمع الفائدة والبرهان للمحقّق الأردبيلي : ج ١ ، ص ١٠٢ ، ١٨٤ وأيضا ح إذا أمرتكم ، ٢٠٦ وج ٢ ، ص ٢١٧ و ٢٦٥ وأيضا ح إذا أمرتكم وج ٥ ، ص ٧٧ وأيضا ح إذا أمرتكم وج ٦ ، ص ١٢٤ وأيضا ح إذا أمرتكم ، ٢٢٧ وج ٧ ، ص ٣٠٤ وأيضا ح إذا أمرتكم وج ١١ ، ص ٤٩٩ وأيضا ح إذا أمرتكم.

١٠. مدارك الأحكام للسيّد محمّد العاملي : ج ٣ ، ص ٢٤٩ ، ٣٢١ ، ٣٣٣ ، ٣٨٦.

١١. حبل المتين للشيخ البهائي : ١٧١.

١٢. ذخيرة المعاد للسبزواري : ج ١ ، ص ٢٩ وأيضا ح إذا أمرتكم ، ٨٤ وأيضا ح إذا أمرتكم ناقش في صحّة سندها وفي دلالتها ، ١٠٣ وأيضا ح إذا أمرتكم وج ٢ ، ص ٢٤٢ وأيضا ح إذا أمرتكم وقال بعد تسليم السند : لا يشتمل هذا ... ولقائل أن يقول ضعف الرواية منجبر بالشهرة وعدم المعارض ، ٢٦١ وأيضا ح إذا أمرتكم ، ٢٦٣ كان لقائل أن يقول بعد تسليم صحّة الرواية والإغماض عن الإجمال الذي فيها ، ٢٦٧ ، ٢٨٣ وج ٣ ، ص ٦٠٤ وأيضا ح إذا أمرتكم واستدلّ أيضا بحديث إذا أمرتكم مستقلاّ في الذخيرة : ج ١ ، ص ١٠٣ وج ٢ ، ص

٥٦٣

__________________

٢١٩ و ٢٢٠ وفي كفاية الأحكام : ص ٢١٨.

١٣. كشف اللثام للفاضل الهندي : ج ٢ ، ص ٤٧٨ ، ٥٠٣ وج ٣ ، ص ١٦٠ ، ٣٤٥ ، ٣٩٨ ، ٣٩٩ وج ٤ ، ص ١٩ ، ٢٥ ، ٧٣ ، ٩٣ ، ٢٥٥ ، ٣٥٢ وج ٦ ، ص ٣٤٢ وفي ط الحجري : ج ١ ، ص ١٤٩ ، ١٥٢ ، ١٧٧ ، ٢٠٤ ، ٢١١ ، ٢١٨ ، ٢٢٥ ، ٢٥٢ ، ٢٦٥ ، ٣٩٣ وج ٢ ، ص ١٧٠ ، ١٨٩ ، ٢٨٢ وأيضا ح إذا أمرتكم.

١٤. حاشية مجمع الفائدة والبرهان للوحيد البهبهاني : ٩٥ ( الثلاثة ) ، ١٢٢ وأيضا ح ما لا يدرك كلّه ( تأييد ) ، ١٧٥ ( الثلاثة ) ، ١٧٦ ، ٢٧٤ ( الثلاثة ) ، ٣٦١.

١٥. رياض المسائل للسيّد عليّ الطباطبائي : ج ١ ، ص ٢٦١ ( المعتبرة ) ، ٢٦٥ ( المعتبرة ) ج ٢ ، ص ١٥٤ ( المعتبرة ) وضعفها بعمل الأصحاب طرّا مجبور ، ١٧٧ ، ٢٥٣ ( المعتبرة ) ، ٢٥٤ ( المعتبرة ) ، ٢٩٠ ، ٣٢٣ ، ٣٢٤ ج ٣ ، ص ٣٦٠ ، ٣٧١ ، ٣٧٦ ، ٣٨٢ ، ٤٢٩ ، ٤٤٨ وج ٤ ، ص ٤٠٠ وج ٥ ، ص ٣٠٨ وج ٦ ، ١١٦ ( قاعدة الميسور ) ، ٢٠١ ، ٢٠٧ ، ٣٥٥ ، ٥٠٤ وح ما لا يدرك ، ج ٧ ، ص ٤٤٨ ، ج ٩ ، ص ٣٣٢ ( المعتبرة ) ، ٣٥٢ ، ٥٤٣ ( المعتبرة ) ج ١١ ، ص ٢٤٩ ، ٢٧٩ ( قاعدة ) ، ٢٨١ وفي ط الحجري : ج ١ ، ص ٢٦ ( المعتبرة ) ، ٥٤ ( المعتبرة ) وضعفها بعمل الأصحاب طرّا مجبور ، ٥٨ ، ٦٨ ( المعتبرة ) ، ٦٩ ( المعتبرة ) ، ٧٤ ، ٧٩ ، ١٥٥ ، ١٥٦ ( ولم يسقط عنه القيام عندنا للنصوص بأنّ الميسور ... ) ، ١٥٨ ، ١٦٦ ، ١٦٩ ، ٢٤٧ ، ٣٠٤ ، ٣٤٩ قاعدة الميسور ... المأثور في المعتبر ، ٣٦٢ ، ٣٨٢ ، ٤٠٢ وأيضا ح ما لا يدرك ، ٤٧٩ وج ٢ ، ص ٢٨ المعتبرة ، وأيضا ح ما لا يدرك ، ٣١ ، ٦٦ ( المعتبرة ) ، ٢١٣ ( قاعدة ) ، ٢١٤ ، ٣٤٣.

١٦. غنائم الأيّام للمحقّق القمّي : ج ١ ، ص ١٠٥ قولهم عليهم‌السلام : ما لا يدرك والميسور ، ١٧٤ ، ٣٣٨ وأيضا ح إذا أمرتكم وج ٢ ، ص ٢٣١ وأيضا ح ما لا يدرك ، ٤٤١ قولهم عليهم‌السلام : الميسور ، ٤٤٦ ( الثلاثة ) ، ٥٠٤ ، ٥٧٢ وأيضا ح إذا أمرتكم ، ٥٨٩ ، ٥٩١ ، ٦١٨ ( قاعدة ) ج ٣ ، ص ١٢٨ ، ١٨٤ ، ١٨٥ وح إذا أمرتكم ، ج ٥ ، ص ١٩٤ ( قاعدة ) ، ٢٠٩ قاعدة وأيضا ح إذا أمرتكم ، ٢١١ ، ٢١٤ ( قاعدة ) ، ٢١٥ ( قاعدة ).

١٧. القوانين للمحقّق القمّي ١ : ١٢٩.

١٨. جواهر الكلام في موارد.

قال المحدّث البحراني في الحدائق ٣ : ٤٥٩ بعد نقله عن روض الجنان وكذا حديث إذا أمرتكم : المسألة غير منصوصة وبناء الأحكام على هذه التعليلات العليلة سيّما مع تعارضها

٥٦٤

__________________

وتصادمها لا يخلو من المجازفة في أحكامه سبحانه.

قال أيضا في الحدائق ٤ : ٣٣٧ بعد نقل الميسور وإذا أمرتكم : فإنّ هذين الخبرين وإن تناقلهما الأصحاب في كتب الاستدلال إلاّ أنّي لم أقف عليهما في شيء من الأصول.

وقال أيضا في الحدائق ٨ : ٨٤ بعد نقله من الذكرى : لعدم ثبوت الخبر الذي ذكره فإنّا لم نقف عليه مسندا في كتب الأخبار وإنّما يتناقله الفقهاء في كتب الفروع مع ما فيه من الإجمال المانع من الاستناد إليه في الاستدلال.

قال النراقي في عوائد الأيّام : ٢٦١ ، عائدة ٢٧ وفي ط الحجري : ٨٩ : ممّا يستدلّ به بعض الفقهاء في مقام إثبات الحكم للجزء بعد تعسّر الكلّ أو تعذّره : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا أمرتكم ... » وقوله عليه‌السلام : « الميسور ... » وقوله : « ما لا يدرك ... » الأوّل مرويّ عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله والثانيان عن عليّ عليه‌السلام ، نقل الثلاثة في عوالى اللآلى.

والكلام فيها إمّا في حجّيتها أو دلالتها.

أمّا الأوّل فنقول : لا شكّ في عدم اعتبار تلك الأخبار من حيث السند ، ولا من حيث وجودها في أصل معتبر ، ولكن تصدّى بعضهم [ وهو الوحيد البهبهاني كما تقدّم ] لإثبات حجّيتها ببيان اشتهارها وانجبارها بالعمل. فقال : إنّه ذكرها الفقهاء في كتبهم الاستدلالية على وجه القبول وعدم الطعن في السند أصلا ومع ذلك مشهورة في ألسنة جميع المسلمين يذكرونها ويتمسّكون بها في محاوراتهم ومعاملاتهم من غير نكير فهي بالعمل مجبورة وبالشهرة معتضدة فتكون حجّة.

ويرد عليه أنّه إن أريد بانجبارها بالشهرة المتنية ، فهي ليست مشهورة إلاّ في ألسنة المتأخّرين وهي غير كافية بل اشتهارها عندهم أيضا ليس إلاّ بنقل بعضهم عن بعض في مقام الاحتجاج وردّه ، وهذا ليس من الشهرة الجابرة فإنّه لو ذكر واحد حديثا ضعيفا ثمّ ذكره الجميع ناقلا عنه ورادّا للاستدلال به لا يحصل له الشهرة المتنية الجابرة وحال تلك الثلاثة من ذلك القبيل ، كما ترى أنّه استدلّ نادرا بالأوّل في مقام إثبات كون الأمر للندب ، وذكره الباقون نقلا منه فردّوا عليه ، وكذلك الثانيان.

وإن أريد الشهرة المولوية ، فهي ممنوعة وإن كان الفتوى في بعض جزئيات مدلولها مشهورة ، وهي غير اشتهار المدلول.

فالظاهر عدم حجّية تلك الأخبار وعدم صلاحيتها لإثبات الأحكام المخالفة للأصل إلاّ أن

٥٦٥

حكمهم بعدم سقوط القيام بالمرّة عند عدم التمكّن من الانتصاب وغيره من أنحاء القيام وكيفيات الأذكار والقراءة ونحوها بل يظهر من الشيخ الأجلّ فيلسوف القوم في مقدّمات كشف الغطاء (١) الاعتماد عليها في نقص الأجزاء والشرائط وغيرها في جميع المستحبّات من الزيارات والأذكار والأدعية والصلوات إلاّ المنهيّ منها ، فقال بجواز الاقتصار على أيّ مرتبة من مراتبها عند اضطرار الإتيان بها على وجهها مريدا منها خصوص المأمور بها.

وأمّا الدلالة فلظهور عموم اللفظ وشموله للواجبات المستقلّة كالصوم والصلاة ولغيرها أيضا كالمركّبات الواجبة كنفس الصلاة بل لا يبعد القول بدعوى ظهور البعض فيها ، فإنّ المراد بالميسور ظاهرا هو الميسور من شيء وجداني كالمعسور منه كما لا يخفى.

ويحتمل التفصيل بين المركّبات الخارجية التي تجتمع (٢) أجزاؤها في الوجود وينفرد بعضها من الآخر كما في الصلاة بالنسبة إلى ركعاتها ، وفي الفاتحة بالنسبة إلى أجزائها ،

__________________

يكتفى في انجبار الخبر الضعيف بالشهرة المحكيّة أيضا ، كما هو المحتمل بل الأظهر فإنّه يمكن القول بحجّية تلك الأخبار حيث إنّه نسب بعضهم القول بوجوب الإتيان بما يتمكّن منه من الأجزاء إلى الأكثر.

(١) كشف الغطاء ١ : ٢٥٧ وفي ط الحجري ٥٠ ( الثالث القدرة ) حيث قال : والعجز عن بعض الواجب إن كان عن جزئيات يصحّ فعلها من دون فعل الباقي وجب الإتيان بالمقدور ، وإن كان عن بعض مركّب يبطله الانفصال كالصلاة والوضوء في بعض الأحوال فعجز وانفصل بطل ، وإلاّ يكن كذلك كبعض أغسال الميّت أو بعض أعضائه وبعض أعضاء غسل الجنابة وغيرها من الأغسال صحّ بمعنى عدم لزوم إعادته لو تمكّن.

ويقوى أنّه مع العجز عن الإتيان بالجميع يجب الإتيان بالبعض في الجميع إلاّ ما دلّ الدليل على خلافه للخبر المشهور من قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يسقط الميسور بالمعسور ، ولما اشتهر من مضامين الأخبار نقله من قوله : ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه ، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ونحو ذلك. انظر أيضا كشف الغطاء ٢ : ٦٠ وفي ط الحجري : ٩٠ وج ٤ ، ص ٥٨٣ وفي ط الحجري : ٤٥٨.

(٢) « س ، م » : يجتمع.

٥٦٦

وبين المركّبات الذهنية التي لا تمتاز أجزاؤها في الخارج على وجه لو انتفى البعض لم يكن الباقي هو الأوّل كما في الشرائط ، فإنّ تقييد الماهية بها ليس تقييدها بالأجزاء على وجه لو انتفى البعض لم يكن الباقي هو الأوّل كما في الشرائط ، فإنّ تقييد الماهية بها (١) ليس وجه تقييدها بالأجزاء كما لا يخفى ، فيقال في الأجزاء بالانقلاب نظرا إلى تلك الأخبار ، وفي الشرائط بعدمه حيث إنّه لا دلالة فيها على لزوم الإتيان بالباقي (٢) فيما لو كان مباينا مع الأوّل كما لو قيل : جئني بالحيوان الناطق ، فتعذّر الامتثال بالقيد فإنّه لا يذهب وهم إلى (٣) لزوم الإتيان بالحيوان الصاهل ، أو قيل : جئني بماء الورد ، فتعذّر القيد ؛ إذ لا يمكن القول بوجوب الامتثال في الماء المطلق على ما هو ظاهر وهذا الوجه هو المشهور بين المتأخّرين.

ومنه يعلم فرقهم بين الأجزاء والشرائط الفاسدة في المبيع حيث قالوا بالصحّة في الأجزاء ، وبالفساد في الشرائط ، والتحقيق هو الأخذ بعموم هذه الروايات في الأجزاء والشرائط جميعا لكن حيث يساعد عليه العرف في الحكم بأنّ الباقي لا يباين الكلّ ، أو المشروط على وجه يصدق قوله : « منه » في قوله : « فأتوا منه ما استطعتم » (٤) لصدق الروايات في مثله من غير اعتبار للشرط ، أو للجزء فيه ، فربّ شرط بعد انتفائه ليس مشروطه معزولا عنه قبل انتفائه كما إذا قيل : جئني بماء السدر ، فإنّ السدر فيه ولو أخذ شرطا إلاّ أنّه ليس على هذا الوجه ، وربّ جزء بعد انتفائه لا يعدّ الباقي غير مباين منه كما لا يخفى.

ومن هنا ينقدح ضعف ما أورده السيّد في الرياض (٥) من أنّه لو تعذّر السدر وجب

__________________

(١) لم يرد قوله : « ليس تقييدها بالأجزاء » إلى هنا في نسخة « ج ، م ».

(٢) « م » : بالثاني.

(٣) « س ، م » : ـ إلى.

(٤) « ج ، م » : ـ ما استطعتم.

(٥) رياض المسائل فى شرح مختصر النافع ٢ : ١٥٣ ـ ١٥٤ وفي ط الحجري ١ : ٥٤ حيث قال :

٥٦٧

الغسل بماء القراح بدلا من ماء السدر استنادا إلى أنّ الرواية الدالّة على وجوب الغسل بماء السدر ليس التقييد فيه على وجه الشرطية كما في قولنا : « ماء السدر » حتّى لا يحكم بوجوب الغسل بالقراح بدلا منه عند تعذّره بل إنّما لفظ الرواية ورد على غير جهة الإضافة المقتضية للاشتراط والتقييد ، فإنّه قال : « وليكن فيه شيء من السدر » (١) ويستفاد منه الجزئية فيجري فيه القاعدة المذكورة ، وأنت بعد ما عرفت من التحقيق تعلم وجه الضعف فإنّ المعيار في الجزئية والشرطية ليس (٢) بمجرّد التغيير والاختلاف في اللفظ بل المدار على كون المعنى من المعاني المتّحدة في الوجود للمشروط على وجه يعدّ من قيوده وأحواله كما ترى في الفصول بالنسبة إلى الأجناس ، ومثال ذلك يشاهد في ماء الرمّان وماء السدر إذا كان المراد به المأخوذ منه

__________________

(١) الوسائل ٢ : ٤٨٣ ، باب ٢ من أبواب غسل الميّت ، ح ٧ وفيه : « ويجعل في الماء شيء من السدر وشيء من كافور ».

(٢) « ج ، م » : ليست.

٥٦٨

لا المخلوط معه فإن كان المعتبر في ماهية من هذا القبيل ، فهو شرط ، وينتفي الباقي بعد انتفائه وإن لم يكن كذلك كما في أجزاء المركّبات الخارجية كما في ماء السدر على وجه الاختلاط ، فهو جزء ، ولا يفرق في ذلك بين ورود العبارة الدالّة على الاعتبار على وجه التقييد كما في قولنا : « ماء السدر » أو على وجه الجزئية كما في قولنا : « وليكن فيه شيء من السدر » إذ على تقدير كون المعنى من الأحوال والقيود فيحمل المطلق على المقيّد على هذا التقدير كما إذا قال : « أعتق رقبة » وقال : « ولتكن (١) مؤمنة » بخلاف ما إذا لم يكن الإيمان من الأوصاف الراجعة إليها المتّحدة معها في الوجود.

نعم ، إذا جهل حقيقة الحال بحسب المعنى على وجه لا يتميّز المعنى المعتبر في الماهيّة أنّه هل من أيّ صنف من المعاني ، فلا بأس بالكشف عنه باللفظ الوارد في مقام اعتباره ، فإنّ الألفاظ طريق إلى المعاني.

وبالجملة ، فالحقّ هو الأخذ بعموم هذه الأخبار فيما يساعد عليه العرف من حيث صدق الميسور منه ، ورجوع ضمير الكلّ في « ما لا يدرك كلّه » كما لا يخفى.

فإن قلت : الظاهر من قوله : « ما لا يدرك كلّه ، لا يترك كلّه » اختصاصه بالواجبات فقط ، ومن البعيد في الغاية اختصاص رواية في حكم الواجب دون المندوب كما هو ظاهر لمن مارس الأدلّة.

ولو حملنا قوله : « لا يترك » على مطلق عدم الأهلية للترك بمعنى أنّه لا ينبغي أن يترك ، فلا يجدي أيضا ؛ لأنّ المقصود لزوم الإتيان بالباقي في الواجبات ولا يستفاد من الرواية على هذا التقدير.

قلت : مجرّد الاستبعاد بعد تسليم ظهور الرواية في الواجب غير مضرّ بعد فرض انجبار السند بالعمل ، وإمكان استفادة حكم المستحبّ من الفحوى ، أو باتّحاد المناط ، والعرف يساعد على توزيع الطلب المستفاد من « لا يترك » على حسب اختلاف

__________________

(١) « ج ، م » : وليكن.

٥٦٩

أفراده ففي الواجب على سبيل الوجوب ، وفي المستحبّ كذلك ، وليس من استعمال اللفظ في المعنيين كما لا يخفى.

وممّا يدلّ على ذلك رواية عبد الأعلى مولى آل سام في رجل عثر موضع ظفره ، وجعل عليه مرارة ، فما ذا يصنع في الوضوء؟ فأجاب عليه‌السلام (١) « بأنّ ذلك وأشباهه : يعرف من كتاب الله قال الله تبارك وتعالى : ( ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ )(٢) فامسح عليها » (٣).

وجه الدلالة أنّ المعصوم عليه‌السلام قد أمر باستنباط حكم أشباه المسئول عنه من الكتاب وقرأ الآية النافية للحرج ، ومن المعلوم أنّ المستفاد منها ليس إلاّ عقد سلبي وقضيّة سالبة دالّة على نفي الحرج المستلزم لنفي وجوب المسح على الإصبع نفسه ، وأمّا جواز المسح على المرارة ، فلا يستفاد من الآية بمجرّدها ما لم يلاحظ فيها بأنّ زوال القيد لا يوجب زوال المقيّد في الحكم ، والميسور لا يسقط بالمعسور ، فالرواية يستفاد (٤) منها الحكم بذلك استفادة لا تكاد تنكر ، ومن الظاهر مباينة المسح على الإصبع للمسح على المرارة مباينة حقيقية كما في الحيوان الناطق والحيوان الصاهل إلاّ أنّه لمّا كان العرف يساعد على ذلك ، فقد حكم الإمام عليه‌السلام (٥) بمقتضى القاعدة بلزوم المسح على المرارة (٦) ، لعدم المباينة العرفية ، وصدق قوله : « منه » عرفا فيه كما لا يخفى ، وهذا تمام الكلام في الأصل الثانوي ، ومن المعلوم أنّ مراعاة هذا الأصل إنّما هو بعد ملاحظة الدليل الخاصّ في نفس المسألة ، ولا بأس بأن نشير إلى طرف منها ، فنقول :

إنّ الدليل الدالّ على اعتبار شيء في الماهيّة إمّا أن يكون لفظيا أو لبّيا كالإجماع والشهرة على القول بالعبرة بها.

__________________

(١) « ج ، م » : ـ عليه‌السلام وكذا في المورد الآتي.

(٢) الحجّ : ٧٨.

(٣) الوسائل ١ : ٤٦٤ ، باب ٣٩ من أبواب الوضوء ، ح ٥ ، والرواية منقولة بالمعنى وتقدّمت في ص ٨٣.

(٤) في النسخ : تستفاد.

(٥) « ج ، م » : ـ عليه‌السلام.

(٦) « س » : ـ بلزوم المسح على المرارة.

٥٧٠

وعلى الثاني فيصحّ (١) الاستناد إلى إطلاق الدليل الدالّ على وجوب المشروط ؛ إذ المقيّد (٢) لإطلاقه لا إطلاق فيه ، فيقتصر في الحكم بالتقييد على القدر الثابت تقييده وهو حال التمكّن من الإتيان بالشرط ، فبقي (٣) عند عدم التمكّن من الشرط إطلاق الدليل الدالّ على وجوب المشروط بحاله ويلزم امتثاله ، ولا يكون الدليل الدالّ على وجوب المشروط لبّيا لعدم اختلافه بالإطلاق والتقييد كما لا يخفى.

وعلى الأوّل ، فإمّا أن يكون المقيّد هو الأمر أو غير الأمر كما إذا قيل ـ مثلا ـ السورة جزء أو النيّة شرط للصلاة.

فعلى الثاني فلا شكّ في أنّ الجزئية والشرطية مطلقان وعند عدمهما يشكّ (٤) في أصل الوجوب ، فبحسب الأصل الأوّلي لا بدّ من إجراء البراءة على المختار ، وبحسب الأصل الثانوي لا بدّ من الإتيان بحسب المختار لكلّ أحد (٥) كما لا يخفى.

وعلى الأوّل ، فقد يقال بعدم الفرق بينه وبين ما إذا كان الدليل لبّيا بل المقام أدون ؛ لأنّ اللبّي لا يعلم تقييده وإطلاقه والأمر قطعي التقييد بحالة الاختيار ؛ إذ الطلب غير معقول عندنا من المضطرّ إلاّ أنّه في غاية السخافة والسقوط ؛ لأنّ الأوامر الواردة في الأجزاء والشرائط بجملتها إرشادية والأوامر الإرشادية وإن كانت غير خالية من الطلب إلاّ أنّ مساقها مساق الألفاظ الواردة في بيان الأحكام (٦) الوضعيّة فيستفاد منها المطلوبية المطلقة (٧) من غير اختصاص بحالة الاختيار ، فتقييد إطلاق الأدلّة الدالّة على المشروط مطلقا في الحالتين ، فلا بدّ من ملاحظة الأصلين المذكورين ، ويظهر ما قلنا

__________________

(١) « س » : يتّضح.

(٢) « س » : القيد.

(٣) « س ، ج » : فينفى.

(٤) « س » : نشكّ.

(٥) « ج » : واحد.

(٦) « م » : أحكام!

(٧) « م » : ـ المطلقة.

٥٧١

من ملاحظة قولهم : نهى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الغرر ، أو عن بيعه (١) ؛ فإنّ النهي حقيقة في الطلب إلاّ أنّه لمّا كان في مقام الإرشاد وبيان المصالح والمفاسد لا يلاحظ فيه أحكام الطلب من جوازه حالة الاضطرار ، فتلك الأوامر كما عرفت مرارا عدم دلالتها على المطلوبية حال عدم التمكّن ، والاضطرار إنّما هو بواسطة قصور في الطلب ، وأمّا المقصود منها أعمّ كما يدلّك ملاحظة إطلاق المادّة مضافا إلى فهم العرف ذلك منها في المقام.

نعم ، لو استفاد وجوب الجزء ، أو الشرط من أمر تعبّدي ، فلا يبعد القول بذلك كما هو ظاهر إلاّ أنّ الكلام فيه.

__________________

(١) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ٥٠ / ١٦٨ باب ٣١ ، قال : وبهذا الإسناد عن الحسين بن عليّ عليه‌السلام أنّه قال : خطبنا أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : سيأتي على الناس زمان عضوض يعضّ المؤمن على ما في يده ولم يؤمن بذلك قال الله تعالى : ( وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) وسيأتي زمان يقدّم فيه الأشرار ، وينسى فيه الأخيار ، ويبايع المضطر ، وقد نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن بيع المضطرّ وعن بيع الغرر. فاتّقوا الله يا أيّها الناس وأصلحوا ذات بينكم واحفظوني في أهلي.

وعن عيون أخبار الرضا عليه‌السلام في وسائل الشيعة ١٧ : ٤٤٨ ، باب ٤٠ من أبواب آداب التجارة ، ح ٣ ؛ دعائم الإسلام ٢ : ٢١ قال : روينا عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن آبائه أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع الغرر ؛ عوالى اللآلى ٢ : ٢٤٨ / ١٧ ، قال : وفي الأحاديث الصحيحة أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع الغرر ، واستدلّ به الفقهاء في الكتب الفقهية وورد مسندا في كثير من كتب العامّة كمسند أحمد ومصنّف عبد الرزاق وابن أبى شيبة وسنن أبى داود وابن ماجة والترمذى والنسائى والدارقطنى وسنن الكبرى للبيهقى والنسائى ومعجم الأوسط والكبير ومسند الشاميين ومنتخب مسند عبد بن حميد وصحيح مسلم وابن حبّان وفي كلّها : نهى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عن بيع الغرر.

٥٧٢

تذنيب

إذا دار الأمر بين ترك جزء مع الإتيان بتمام شرائط الماهيّة أو ترك الشرط مع الإتيان بأجزائها ، فهل في المقام شيء يرجّح أحد الطرفين ، أو لا بدّ من الاحتياط بمعنى الإتيان بالماهية تارة بلا جزء ، وأخرى بلا شرط ، أو لا ترجيح ، فالحكم التخيير؟ وجوه أوسطها أوسطها عملا ، وأقواها ترجيح جانب الجزء قولا كما أفاد الشهيد (١) فيما لو دار الأمر بين ترك الصفة ، أو الموصوف ، ولعلّ الوجه فيه أنّ الجاعل في مقام الجعل أوّلا يلاحظ الأجزاء والموصوف فإنّها بمنزلة الذات ، وملاحظتها (٢) تامّة وناقصة ، والمعالجة فيها مقدّمة على ملاحظة الأوصاف (٣) والشرائط وتماميتها ونقصها وعلاجها فكأنّ الجاعل قال : جئني بالماهية المركّبة من الأجزاء ، فإن نقصت ، فبالباقي المتّصفة بكذا وكذا ، فإن نقص ، فبالباقي كذا أفاد ـ دام ظلّه ـ إلاّ أنّه لا يسمن ولا يغني كما لا يخفى.

__________________

(١) نقل عنه أيضا في وسيلة الوسائل : ٢٥٥ وأوثق الوسائل : ٣٩٣ حيث قالا ـ واللفظ للوسيلة ـ :

كما إذا دار الأمر في كفن الميّت بين القطن النجس والحرير الطاهر فذكر الشهيد رحمه‌الله أنّه يقدّم الأوّل على الثاني ، لأنّ إلغاء الوصف أولى من إلغاء الموصوف. هذا ولكن قال الشهيد في الذكرى ١ : ٣٥٥ وفي ط الحجري : ٤٦ : لو اضطرّ إلى ما عدا المغصوب فيه ثلاثة أوجه : المنع لإطلاق النهي ، والجواز لئلاّ يدفن عاريا مع وجوب ستره ولو بالحجر ، ووجوب ستر العورة لا غير حالة الصلاة ثمّ ينزع بعده وحينئذ فالجلد مقدّم لعدم صريح النهي فيه ، ثمّ النجس لعروض المانع ، ثمّ الحرير لجواز صلاة النساء فيه ، ثمّ وبر غير المأكول ، وفي هذا الترتيب للنظر مجال إذ يمكن أولوية الحرير على النجس لجواز صلاتهنّ فيه اختيارا.

قال في البيان : ٢٦ وفي ط بنياد فرهنگى امام مهدي عليه‌السلام : ٧٢ : ولا يجوز التكفين في الحرير ، ولا في الجلد على الظاهر ، ولو تعذّر غيرهما جاز الجلد الذي تصحّ فيه الصلاة ، وفيما يمتنع فيه من الجلود والأوبار ، والنجس الذي لا يمكن تطهيره والحرير نظر. أمّا المغصوب فلا يجوز مطلقا.

(٢) « س » : ملاحظها.

(٣) سقط قوله : « والموصوف فإنّها » إلى هنا من نسخة « ج ».

٥٧٣

الأمر الثالث : إذا ثبت اعتبار شيء في الماهية ، وعلمنا بعدم كونه ركنا ، ودار الأمر بين كونه جزء أو شرطا ، فهل الأصل الأوّل أو الثاني؟ قيل (١) بالثاني ؛ لأصالة عدم الجزئية.

وفساده ممّا لا حاجة إلى بيانه ؛ لأصالة عدم الشرطية أيضا.

والتحقيق : أن لا أصل في البين يشخّص أحدهما بل لا بدّ من الرجوع إلى الأصول في ثمراتهما كما في كلّ ما كان شكّا في الحادث ، فالنيّة في الصلاة شكّ في كونها شرطا ، أو جزءا ، أو لا أصل في أحدهما إلاّ أنّه إذا شكّ في وجوب الطهارة فيها ، يدفع بالأصل وغير ذلك كما لا يخفى على المتأمّل في أمثال المقام ، فتأمّل.

__________________

(١) نسبه إلى قيل أيضا في وسيلة الوسائل : ٢٥٦ حيث قال : قيل : إنّ الأصل هو الحمل على الشرطية لاستلزام الجزئية زيادة التفات من الشارع لاعتباره جزءا والأصل عدمها.

٥٧٤

خاتمة

في بيان شرط العمل بالأصول المذكورة في طيّ الأصول المتقدّمة من البراءة والاشتغال والتخيير والاستصحاب ، ولمّا كان مرجع التخيير إلى البراءة والاستصحاب دائما موافق لأحد الأصلين الآخرين ، فالبحث فيهما يغني عنهما ، فنقول : قد ذكر بعضهم (١) للعمل بالبراءة شروطا ، وحيث إنّه لا محصّل لها عندنا سوى الفحص عن الدليل ، فلنقتصر بإيراده ، ثمّ لمّا كان ذلك يختلف في البراءة والاشتغال ، فلا بدّ من إيراده في مقامين :

المقام الأوّل

في أنّه هل يجب الفحص عن وجود الدليل المفضي إلى الواقع ، أو ما يجري مجراه في محلّ الاحتياط مطلقا ، أو لا يجب كذلك ، أو يفصّل في العبادات التي تحتاج (٢) إلى

__________________

(١) هو الفاضل التوني في الوافية : ١٩٣ ، ذكر لجواز التمسّك بأصالة براءة الذمّة ، وبأصالة العدم ، وبأصالة عدم تقدّم الحادث شروطا ثلاثة الأوّل : أن لا يكون إعمال الأصل مستلزما لثبوت حكم شرعي من جهة أخرى. الثاني أن لا يتضرّر بسبب التمسّك به مسلم أو من في حكمه.

الثالث أن لا يكون ذلك الأمر جزء عبادة مركّبة بل المثبت لتلك الأجزاء هو النصّ.

وعنه في القوانين ٢ : ٤٦ والمناهج للنراقي : ٢٣٣ وناقشا في تلك الشروط وذهبا إلى أنّ الشرط اللازم هو الفحص. انظر أيضا الفصول : ٣٦٥.

(٢) في النسخ : يحتاج.

٥٧٥

النيّة (١) مطلقا ، فيجب ، وفي المعاملات ، فلا يجب ، أو في العبادات المتكرّرة عند إعمال الاحتياط ، فيجب ، وفي غيرها ، فلا يجب ، أو فيما إذا أمكن تحصيل العلم فيجب ، وفي غيره ، فلا يجب ، أو فيما إذا أمكن تحصيل الظنّ الخاصّ أيضا ، فيجب وفيما (٢) إذا كان الدليل ظنّا من الظنون المطلقة ، فلا يجب؟ وجوه واحتمالات بل وجملة منها أقوال أقواها في النظر ـ لو لا الإجماع على اشتراط الفحص في بعض الأقسام كما ستعرف ـ العدم مطلقا عبادة ومعاملة أمكن تحصيل العلم ، أو الظنّ الخاصّ ، أو المطلق أم (٣) لا ؛ لصدق الامتثال في الجميع ولو في صورة التكرار في العبادات وحصول الأسباب وتأثيرها في المعاملات ، ولا دليل على اعتبار شيء زائد على (٤) ذلك في شيء منها في مقام تحصيل الامتثال وحصول الأسباب كما لا يخفى إلاّ أنّ الإجماع على ما نقله بعضهم منهم العلاّمة (٥) على ما هو ببالي على عدم جواز الاحتياط قبل الفحص في العبادات فيما إذا تكرّر العمل كما في ما إذا شكّ في أنّ الواجب هو الظهر ، أو الجمعة مع إمكان الاستعلام من الأدلّة في المجتهد والرجوع إليه في غيره كما إذا شكّ في القبلة مع إمكان تشخيصها بالأبصار وإعمال العلائم.

ويؤيّده توافقه لسيرة العلماء الأعلام بل يمكن دعوى بناء العقلاء في أمثال ذلك أيضا على الاستعلام في امتثالات العبيد لأوامر مواليهم كما لا يخفى كما أنّه لا يبعد

__________________

(١) « ج » : ـ إلى وفي « م » : « إليه » بدل : « إلى النيّة ».

(٢) سقط قوله : « إذا أمكن تحصيل العلم » إلى هنا من نسخة « م ».

(٣) « ج » : أو.

(٤) « ج » : في.

(٥) تذكرة الفقهاء ٣ : ٢٢ ، مسألة ١٤٤ ، قال : القادر على معرفة القبلة لا يجوز له الاجتهاد عند علمائنا ، كما أنّ القادر على العمل بالنصّ في الأحكام لا يجوز له الاجتهاد لإمكان الخطأ في الثاني دون الأوّل.

قال في مسألة ١٤٥ : فاقد العلم يجتهد بالأدلّة التي وضعها الشارع علامة ، فإن غلب على ظنّه الجهة للأمارة بنى عليه بإجماع العلماء.

٥٧٦

دعوى الإجماع على جواز الأخذ بالاحتياط موافقا للقاعدة المزبورة في المعاملات كما في صيغ البيع وشروطه والنكاح وغير ذلك ، وعليه بناء جملة من الصلحاء في آدابهم ومعاشرتهم.

وأمّا العبادات الغير المتكرّرة كما إذا شكّ في جزئية السورة للصلاة (١) أو الإمساك عن الغبار الغليظ للصوم ، فالمشهور على ما حكاه (٢) الاستاذ على وجوب الفحص فيما لو يمكن من تحصيل العلم بالمعنى الأعمّ بل والظنّ المطلق أيضا على القول به ، ومبناهم في ذلك لزوم قصد الوجه المفقود عند الاحتياط ، وحيث قد عرفت ما قدّمنا لك من التحقيق في مقامه من عدم وجوب قصد الوجه ، فلا مجال للقول المذكور بعد صدق الامتثال عند العقلاء في الامتثال الإجمالي.

نعم ، يمكن أن يقال في المقام انتصارا للمشهور بعد ما هو التحقيق عندنا من أنّ الإطاعة ليست من قيود المأمور به ووجوهه ؛ لاستلزامه الدور بل هي (٣) من دواعي الأمر : إنّ محصّل الكلام في المقام يرجع إلى كفاية الامتثال الإجمالي في العبادات وعدمها ، فعلى الأوّل يحكم بفساد عبادة تارك الطريقين كما زعمه جماعة (٤) ، وعلى الثاني يحكم بصحّتها وحينئذ نقول : الأصل يقضي (٥) بالأوّل ، لأنّ المقام من الشكّ في المكلّف به حيث إنّا لا نعلم بسقوط التكليف إلاّ عند الامتثال التفصيلي ، ولمّا أنّ (٦) الإطاعة ليست من القيود ، فلا يمكن دفعها بأصالة البراءة ، فالأصل بقاء غرض الأمر وعدم

__________________

(١) « م » : بعد الصلاة!

(٢) « ج ، م » : حكاها.

(٣) « ج ، س » : هو.

(٤) ذهب إليه الشهيد الأوّل في الألفية والنفلية : ٣٩ ، والشهيد الثاني في روض الجنان ٢ : ٦٦٣ ، وفي ط الحجري : ٢٤٨ والقمّي في القوانين ٢ : ١٤٠ ونسبه إلى المشهور من فقهائنا ، ونسب إلى المشهور أيضا النراقي في المناهج : ٣١٧ وشريف العلماء كما في تقريراته للفاضل الأردكاني ( مخطوط ) : ٣٥. انظر ص ٣٤.

(٥) في النسخ : يقتضي.

(٦) « ج » : كان!

٥٧٧

سقوطه ما لم يعلم المكلّف به بخصوصيته كما في صورة دوران الأمر بين المتباينين مع ثبوت الاشتغال ، فعلى هذا الاتّكال بالاحتياط في العبادات مع إمكان تحصيل العلم خلاف الاحتياط.

وأمّا ترك الاحتياط عند التمكّن من تحصيل الظنّ الخاصّ كالخبر الموثوق بصدوره بناء على تحقّق (١) الإجماع عليه بخصوصه ، فيرجّح على فعله لو قلنا بتحقّق الإجماع على عدم وجوب الاحتياط الكلّي في أبواب الفقه كما ادّعاه جملة منهم ؛ إذ غاية ما يحتمل حينئذ جوازه ، ويبقى احتمال وجوب الأخذ بالظنّ الخاصّ بحاله تحصيلا للامتثال التفصيلي وإن كان ظنّيا ، فالاحتياط فيه ، وهكذا نقول في الظنّ المطلق عند دوران الأمر بينه وبين الاحتياط كما لا يخفى.

ومن هنا يظهر وجه فتوى المشهور بفساد عبادة الجاهل المقصّر وإن طابق الواقع هذا بناء على ما هو المختار عندنا من أنّ الإطاعة من دواعي الأمر لا من قيوده.

وأمّا على ما يراه البعض من أنّها معتبرة في موضوع الطلب على وجه يصير جزء للمطلوب كما في سائر الأجزاء والشرائط ، فالدليل الدالّ على تقييد الأمر بالإطاعة إن كان لبّيا ، فيكتفى (٢) بالامتثال الإجمالي ؛ لأنّه المتيقّن من التقييد ، ويؤخذ في المشكوك إمّا بالبراءة ، أو الاشتغال على الخلاف ، وإن كان لفظيا فإطلاق (٣) المقيّد يحكم بالاكتفاء أيضا كما لا يخفى.

هذا غاية ما يمكن الانتصار لهم إلاّ أنّ الحقّ هو الحكم بالصحّة بناء على المختار من أنّ الإطاعة ليست قيدا لحكم العقل بحصول الامتثال سيّما بعد الحكم بعدم وجوب نيّة الوجه ، وبناء العقلاء مستقرّ على ذلك ، وذهاب المشهور بعد العلم بمستندهم وفساده ممّا لا يجدي شيئا فيما نحن فيه (٤) على تقدير جواز الاتّكال على الشهرة ، فتدبّر.

__________________

(١) « ج » : تحقيق!

(٢) « س » : فيكفي.

(٣) « س ، م » : فلإطلاق.

(٤) « ج ، م » : ـ فيه.

٥٧٨

وتوضيح ذلك أنّ الوجه المذكور في الانتصار إنّما ينهض دفعا للاحتياط المستلزم للتكرار في العبادة ، وقد عرفت نقل الإجماع على عدم جواز الاحتياط فيه حيث يتمكّن من تحصيل العلم ، أو ما يجري مجراه ضرورة جوازه عند عدم التمكّن كما وقع نظير ذلك في الموضوعات عند اشتباه القبلة ومخالفته لسيرة (١) العلماء وهو الحجّة وإلاّ فعلى ما هو التحقيق من القول بالبراءة لا فرق بين أن يكون (٢) الإطاعة من قيود المأمور به أو من دواعي الأمر لعموم أدلّتها.

ومنه يظهر الوجه فيما أفاده صاحب المدارك بعد ما حكى عن العلاّمة (٣) عدم جواز الصلاة في الثياب المشتبهة مع التمكّن منها في ثوب طاهر : وإنّ هذا وإن كان حسنا إلاّ أنّ وجهه لا يبلغ حدّ الوجوب (٤) ، وأمّا فيما لم يستلزم التكرار ، فالامتثال التفصيلي حاصل بمعنى العلم بالمطلوب وتميّزه عن غيره ، فلا اشتباه في المطلوب إلاّ أنّ وجه الطلب وخصوصيته غير معلوم ، فلا مانع من الاحتياط سوى القول بوجوب نيّة الوجه ، ونحن قد فرغنا عن إبطال هذه الشبهة في محلّه وقلنا باستقرار طريقة العقلاء في الحكم بامتثال من لم يراع في فعله وجه الفعل كما لا يخفى ، وهذا هو الحاسم لهذه الشبهة ، فلا وجه للقول بلزوم الفحص في العبادات الغير المتكرّرة عند إعمال الاحتياط ، ولا مأخذ للقول (٥) بأنّ الناس صنفان : مجتهد ومقلّد.

وأمّا ما يظهر من السيّد الرضي دعوى الإجماع على فساد عبادة الجاهل ، وتقرير أخيه المرتضى علم الهدى له (٦) ، فلا يجدي شيئا (٧) فإنّه محمول على عبادة من لم يعرف

__________________

(١) « س » : مخالفة سيرة.

(٢) « ج » : ـ أن يكون.

(٣) حكى صاحب المدارك عن منتهى المطلب ٣ : ٣٠١ وفي ط الحجري ١ : ١٨٢ وكذا قاله في نهاية الأحكام ١ : ٢٨٢.

(٤) مدارك الأحكام ٢ : ٣٥٨ ، انظر بحث القطع ص ٣٣.

(٥) تقدّم ذكر القائلين به في ص ٥٧٧.

(٦) تقدّم ذكر مصادره ص ٣٤.

(٧) « س ، م » : ـ شيئا.

٥٧٩

شيئا عدا ما عرفه من طريقة آبائه.

وأمّا المحتاط ، فليس منهم لانتهاء عمله إلى الاجتهاد فإنّا لا نضايق من القول بلزوم الفحص إمّا في المسألة الأصوليّة ، أو المسائل الفرعيّة ، فيحصل من جميع ما ذكرنا أنّ جريان الاشتغال والأخذ بالاحتياط مشروط بأحد أمرين ـ سواء كان في العبادات ، أو المعاملات ـ : إمّا الفحص (١) في خصوص جزئيات المسائل الواردة على المكلّف في مقام العمل كما يراه المشهور في العبادات ، وإمّا الفحص في هذه المسألة الكلّية المبحوث عنها عن لزوم الفحص ، وتحصيل الاعتقاد اجتهادا بكفاية الاحتياط وعدم كفايته ، أو تقليدا كذلك ، فيحكم بفساد عبادة من لم يتفحّص في المقامين.

نعم ، لو لم يكن المكلّف ملتفتا بشيء منهما ، لا يبعد القول بصحّة عباداته بعد مطابقة الواقع ، فالقائل بلزوم الفحص إن أراد منه ما ذكرنا من أحد الأمرين ، فمرحبا بالوفاق ، وإن أراد خصوص الفحص في الأحكام الفرعيّة كما هو الظاهر من كلمات القائلين بفساد عبادة الجاهل ، فلا نعرف له وجها كما لا يخفى. هذا تمام الكلام في المقام الأوّل.

وأمّا المقام الثاني

في وجوب الفحص عن الدليل عند إعمال البراءة ، وتحقيق الكلام فيه يقع في موردين :

الأوّل : في أنّ تارك الفحص والعامل بالبراءة عند ذلك هل هو معاقب ، أو لا؟ فنقول : إنّ ما يظهر من التصفّح في كلمات الأعيان أقوال في المقام ، فقيل بكونه معاقبا مطلقا بواسطة ترك التعلّم ومخالفة مجرّد الفحص وإن طابق الواقع ، وهذا هو المنسوب إلى المقدّس الأردبيلي وتلميذيه ، والفاضل السبزواري (٢) وجماعة ممّن تبعهم ، وقيل

__________________

(١) سقط قوله : « أنّ جريان الاشتغال » إلى هنا من نسخة « م ».

(٢) مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ١١٠ ؛ مدارك الأحكام ٢ : ٣٤٤ ـ ٣٤٥ و ٣ : ٢١٩ ؛ الذخيرة : ١٦٧ ؛ ـ مصباح الأصول ٢ : ٤٩٥ ومال إليه صاحب الكفاية. ولم ينسب إلى صاحب المعالم وقد تقدّم عنهم في ص ٥٠٠ انظر أيضا بحث القطع والظنّ ص ٢٢٧.

٥٨٠