مطارح الأنظار

الميرزا أبو القاسم الكلانتري الطهراني

مطارح الأنظار

المؤلف:

الميرزا أبو القاسم الكلانتري الطهراني


المحقق: علي الفاضلي
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: معهد الإمام الخميني والثورة الإسلامية
المطبعة: مؤسسة العروج
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-7986-36-6
الصفحات: ٦١٥

__________________

صافيه ، وذلك أنّه رحمه‌الله بعد أن قرّر وجه الاستدلال على الوجه الذي حكيناه عن صاحب المعالم قدس‌سره ، قال : هكذا ذكره كثير من الأصوليين ، والوجه عندي أنّه ليس من باب مفهوم الشرط ؛ لأنّ غاية ما يمكن توجيهه على ذلك أن يكون المعنى إن جاءكم خبر الفاسق فتبيّنوا ، ومفهومه إن لم يجئكم خبر الفاسق ، فلا يجب التبيّن سواء لم يجئكم خبر أصلا ، أو جاءكم خبر عدل ، فالمطلوب داخل في المفهوم ولم يكن هو هو.

وفيه : أوّلا : أنّ ظاهر الآية إن جاءكم الفاسق بالخبر ، ومفهومه إن لم يجئ الفاسق بالخبر لا إن لم يجئ خبر الفاسق.

وثانيا : أنّ المراد بالتبيّن والتثبّت طلب ظهور حال خبر الفاسق والثبات والقرار حتّى يظهر حال خبر الفاسق ، فكأنّه قال : تبيّنوا خبر الفاسق ، فالمفهوم يقتضي عدم وجوب تبيّن حال خبر الفاسق لا خبر العادل ؛ للزوم وحدة الموضوع والمحمول في المفهوم والمنطوق في الشرط والجزاء.

نعم ، لمّا كان مقدّم المفهوم إن لم يجئكم خبر الفاسق بحيث يشمل عدم خبر أصلا ، أو كان ولكن كان خبر العادل ، فيندرج فيه خبر العادل ، ولكن لا يدلّ على عدم وجوب تبيّنه مع أنّ ذلك خروج عن حقائق الكلام وترك للعرف والعادة بمجرّد احتمال كون السالبة منتفية الموضوع ، ولا ريب أنّه مجاز لا يصار إليه ، وقسمة المنطقيين السالبة إلى الموجود الموضوع ، والمنتفي الموضوع لا توجب كونه معنى حقيقيا لها ، أو عرفيا ، والكتاب والسنّة إنّما وردا على مصطلح أهل اللغة والعرف لا مصطلح أهل الميزان. هذا كلامه رحمه‌الله.

قوله رحمه‌الله : « ولكن لا يدلّ على عدم وجوب تبيّنه » أي على عدم وجوب تبيين خبر العادل كما هو مدّعى المستدلّ بمفهوم الشرط ، وذلك لأنّه وإن سلّم أنّ عدم مجيء خبر الفاسق وعدم وجوب تبيين خبره في مثل هذه القضيّة التي هي إن لم يجئكم خبر الفاسق ، فلا يجب عليكم تبيين خبر ذلك الفاسق سواء كان هناك خبر عادل أم لا.

ولا ريب أنّ حكم عدم وجوب التبيّن مختصّ بالفاسق ، وخبر العادل مسكوت عنه وإن كان عدم مجيء خبر الفاسق ووجوب التبيّن عنه أعمّ بالنسبة إلى حالتي مجيء خبر العادل وعدم مجيئه.

وقوله : « مع أنّ ذلك » يعيّن الاستدلال بمفهوم قوله تعالى : ( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ) وهو

١٤١

__________________

إن لم يجئكم فاسق بنبإ ، فلا يجب عليكم التبيّن « خروج عن حقائق الكلام وترك للعرف والعادة بمجرّد احتمال كون السالبة منتفية الموضوع » ومراده بالسالبة هي إن لم يجئكم فاسق بنبإ ، ولا ريب أنّ موضوعها هو الفاسق ، ويتصوّر كونها منتفية الموضوع بأن ينتفي الفاسق مع بقاء وجوب بناء المذكور في القضية السالبة التي هي المفهوم ، وكذا عدم وجوب التبيّن ، ولا ريب أنّ ثبوت البناء وتحقّق عدم التبيّن مع انتفاء الفاسق الذي هو موضوع لا يكون إلاّ بأن يكون هناك عادل جاء بالنبإ وأراد بالخروج عن حقائق الكلام حمل تلك السالبة على معنى يتحقّق فيه انتفاء الموضوع ، وكذلك المراد بترك العرف والعادة ذلك ؛ لعدم مساعدة العرف إلاّ على حمل السالبة على الموجود الموضوع ؛ لأنّ ذلك معناها الحقيقي عندهم ، وحاصل مراده أنّهم حملوا السالبة على المنتفية الموضوع بمجرّد الاحتمال مع وضوح أنّ حمل اللفظ على معناه المجازي بمجرّد احتماله لذلك من دون قيام قرينة ممّا لا مساغ له.

هذا وفي كلامه رحمه‌الله مواقع للنظر :

أحدها : أنّ ما ذكره من تعميم مجيء نبأ العادل وعدم مجيئه ليس شيء منهما من أفراد عدم مجيء نبأ الفاسق ، ولا يقصد أحد من المتكلّمين التعميم في أمثاله ، ألا ترى أنّ قولك : إن جاءك زيد فأكرمه ، وكذلك قولك : إن لم يجئك زيد ، فلا تكرمه لا تقصد بشيء منهما التعميم بالنسبة إلى مجيء عمرو وعدم مجيئه ولا يعدّ شيء منهما من أفراد مجيء زيد وعدم مجيئه ، فالالتزام بالعموم كما صدر منه رحمه‌الله ليس في محلّه.

ثانيها : أنّ ما ذكره ـ من عدم جواز المصير إلى حمل السالبة على المنتفي الموضوع بمجرّد الاحتمال ـ يعطي أنّه يسلم جريان احتمال كون السالبة منتفية الموضوع خصوصا بملاحظة دفعه بكونه مجازا بغير قرينة ، وذلك بمكان من البعد من مثله ؛ لأنّ السالبة في كلامه لا يمكن أن تكون إلاّ عبارة عن المفهوم ، ولا ريب أنّ المفهوم ليس إلاّ أمرا لبّيا وهو رفع المنطوق ، فكيف يعقل فيه إرادة انتفاء الموضوع مجازا.

وتوضيح ذلك أنّ قولك : إن جاءك نبأ الفاسق فتبيّن ، يفهم منه معنى لازم يعبّر عنه في المحاورات بقولك : إن لم يجئك نبأ الفاسق ، فلا يجب عليك التبيّن ، وأين هو من السالبة بانتفاء الموضوع بالمعنى الذي يريده ممّا بيّنّاه من انتفاء الفاسق وبقاء الخبر مع عدم وجوب تبيّنه؟ أم كيف يعقل فيه الخروج عن الحقيقة وليس من قبيل الألفاظ؟ مضافا إلى ما عرفت من أنّه لا

١٤٢

__________________

يقصد المفهوم بأمثال هذه الخطابات أصلا حتّى يجري احتمال ما ذكره.

ثالثها : أنّ ما ذكره في صدر كلامه ـ من كون غاية توجيه ما ذكروه أن يكون المراد بالآية : إن جاءكم خبر الفاسق ، فتبيّنوا ومفهومه : إن لم يجئكم خبر الفاسق ، فلا يجب التبيّن سواء لم يجئكم خبر أصلا ، أو جاءكم خبر عدل ـ لا يظهر وجه لكونه توجيها ، فإن كان الوجه هو التعميم بالنسبة إلى عدم مجيء خبر أصلا ومجيء خبر العادل ، فذلك ممكن في نفس مفهوم الآية بدون صرفها عن ظاهرها ، فيقال : إنّ مفهومها : إن لم يجئكم فاسق بنبإ ، فلا يجب التبيّن سواء لم يكن هناك خبر أصلا ، أو كان هناك خبر أصلا ، أو كان هناك خبر العادل ، وإن كان أمرا وراء ذلك ، فلا نعقله إلاّ أن يقال : وما يعقله إلاّ العالمون هذا.

وقد تحصّل من جميع ما ذكرنا أنّ الجملة الشرطية المذكورة في الآية ممّا لا يفيد جواز قبول قول العادل ، نعم لو كان سبحانه قد قال بدل هذه الجملة الشرطية : إن فسق الجائي بالنبإ ، فتبيّنوا نبأه ، كان مفهومه إن لم يفسق الجائي بالنبإ بل هي على عدالته ، فلا يجب عليكم تبيين نبئه.

ودعوى أنّ الآية مسوقة لبيان حال المنبئ ، فالمراد فيها ما ذكر ـ من أنّه إن فسق الجائي إلخ فيفيد بالمفهوم جواز قبول قول العادل ـ ممّا لا وجه لها ( في النسخة : له ) ، ضرورة أنّ إمكان تحويل صورة قضيّة إلى أخرى لا يقتضي أن يكون مفاد الأولى هو مفاد الثانية ، هذا.

وأمّا الثاني ـ وهو المنع على المتمسّكين بمفهوم الوصف ـ فيقرّر بوجهين :

أحدهما : إنّما نمنع من حجّية مفهوم الوصف من أصله ، مضافا إلى ما ذكره بعضهم من أنّا لو سلّمنا ذلك ، فإنّما نسلّمه فيما لو كان الموصوف مذكورا ، وأمّا ما لم يكن الموصوف مذكورا معه ، فهو من قبيل مفهوم اللقب لكن هذا غير مرضيّ عندنا ، لعموم النزاع هناك وكون ما استفيد فيه المفهوم واستدلّ به ممّا لم يذكر معه الموصوف مثل قوله : « ليّ الواجد يحلّ عقوبته » هذا.

وقد تمسّك بعضهم في الاستدلال بالآية من باب مفهوم الوصف بوجه آخر وهو أنّ مفهوم الوصف وإن لم يكن حجّة إلاّ أنّه لا ريب في حجّيته إذا وقع في سياق الشرط ، وبذلك يتمّ المطلوب.

وأنت خبير بأنّ ذلك دعوى لا شاهد عليها فتوجّه المنع إليها جليّ. فافهم.

وتمسّك الفاضل القمّي رحمه‌الله بوجه آخر أشار إليه بعد ردّ الاستدلال بمفهوم الشرط بقوله : فالاعتماد على مفهوم الوصف ، فإنّا وإن لم نقل بحجّيته في نفسه لكنّه قد يصير حجّة بانضمام

١٤٣

__________________

قرينة المقام كما أشرنا إليه في مباحث المفاهيم. انتهى.

وأورد عليه صاحب الفصول رحمه‌الله بعد حكايته عنه بما لفظه :

أقول : وفيه نظر ؛ لأنّ مساعدة المقام على استفادة حكم من التعليق على الوصف ـ بناء على عدم دلالته عليه في نفسه ـ إمّا أن يكون لقرائن حالية وثبوتها في المقام ممنوع قطعا ، أو لقرائن لفظية راجعة إلى انحصار فائدة التعليق في الاحتراز ، أو ظهورها بحسب مقام التعليق من بين الفوائد ، فهذا إنّما جريانه بحسب تحصيل الوثوق والاعتداد به فيما إذا تعقّب الوصف الخاصّ للموصوف العامّ كما في قولك : إن جاءك بخبر فاسق أو رجل فاسق بنبإ ونحو ذلك ممّا يشتمل على التقييد اللفظي المقتضي اعتباره في الكلام لفائدة زائدة على فائدة بيان الحكم ، وظاهر أنّ المقام ليس من بابه بل من باب ترجيح التعبير عن موارد الحكم بعنوان خاصّ على التعبير عنه بعنوان عامّ ومثل هذا لا يستدعي فائدة ظاهرة تزيد على فائدة بيان الحكم في المورد الخاصّ ، ومع الإغماض عن ذلك ، فلا نجد لتعليق الحكم على الوصف في المقام مزيد خصوصية لا يوجد في غيره ، فإنّ ما ذكروه في منع دلالته على حكم المفهوم في غير المقام من عدم انحصار الفائدة فيه ، وأنّ من جملة الفوائد كون محلّ الوصف محلّ الحاجة متّجه في المقام أيضا ، مضافا إلى أنّ له في المقام نكتة أخرى أيضا وهي التنبيه على أنّ المخبر المتّصف بالفسق بعيد عن مقام الاعتماد والاستناد جدّا ؛ إذ يحتمل في حقّه ما يحتمل في حقّ المخبر العادل من السهو والنسيان مع زيادة وهي احتمال تعمّده الكذب ، أو تعويله في خبره على أمارات ضعيفة وأوهام سخيفة ناشئين من انتفاء صفة العدالة عنه الحاجزة عن الاقتحام في مثل ذلك ، وهذا ظاهر لا سترة عليه هذا كلامه رحمه‌الله.

وربّما يوجّه كلام الفاضل القمّي رحمه‌الله بما لا يرد عليه المنع من قيام قرينة في المقام ، فيقال : إنّ الآية بملاحظة نفس الحكم بالتبيّن المأخوذ فيه كونه للغير مع تعليق الحكم بالوصف وتعليله بقوله تعالى : ( أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ ) تفيد باعتبار انضمام بعض الأمور المذكورة إلى بعض أنّ مقصوده تعالى بيان أنّ خبر الفاسق ليس طريقا إلى الواقع ، وأنّ خبر العادل طريق إليه.

وبالجملة ، إنّ تلك الأمور بملاحظة انضمام بعضها إلى بعض قرينة في المقام تفيد أنّ مقصوده تعالى بيان ما هو طريق إلى الواقع ، وما ليس طريقا إليه هذا.

١٤٤

__________________

ولكنّ الإنصاف أنّ ما ذكره وإن كان فيه إشعار بما ذكره إلاّ أنّه ليس نصّا في ذلك ، ولا ظاهرا ظهورا يصحّ الركون إليه ؛ إذ يحتمل أن يكون المراد توجيه الذمّ إلى من قبل خبر وليد واعتمد عليه مع كونه فاسقا ، فيكون سياق الكلام للذمّ على ذلك لا لبيان طريق إلى الواقع.

ثانيهما : أنّه لو سلّم ثبوت مفهوم الوصف في المقام إمّا بتسليم حجّية مفهوم الوصف مطلقا ، أو بتسليم ثبوت مفهوم الوصف إذا وقع في سياق الشرط ، أو بتسليم ثبوته بقرينة المقام كما عرفته من الفاضل القمّي رحمه‌الله.

قلنا : إنّه وإن كان مقتضى المفهوم من الآية عدم وجوب تبيّن خبر العادل لكنّه معارض بعموم التعليل بلزوم التحرّز عن الندم مطلقا المقتضي للتحرّز عن كلّ خبر موجب له مطلقا سواء كان خبر الفاسق أم غيره ، فالمفهوم وإن اقتضى حجّية خبر العادل إلاّ أنّ التعليل بعمومه يقتضي عدم جواز قبول كلّ خبر موجب للندم ، ومنه خبر العادل الغير المفيد للعلم ، وما ذكرنا من حديث المعارضة ليس مبنيا على كون النسبة بين نبأ العادل الذي تضمّنه المفهوم ، والنبأ الموجب للندم أعمّ من أن يكون نبأ العادل ، أو يكون [ نبأ ] الفاسق ليتعارضا في مورد الاجتماع وهو خبر العادل الغير المفيد للعلم ، فيلزم التماس المرجّح لوجهين :

أحدهما : أنّ النسبة بين المفهوم والتعليل ليست هي العموم من وجه لكون الخبر المفيد للعلم خارجا عن المنطوق والمفهوم جميعا ، لكونه حجّة بالاتّفاق حتّى لو كان راويه فاسقا ، وعلى هذا فيرتفع العموم من جانب المفهوم ويكون التعليل أعمّ منه مطلقا.

والثاني : أنّه لو فرض كون كلّ منهما أعمّ من الآخر من وجه لم يكن وجه لإعمال قاعدة تعارض العامّين من وجه في مثل المقام الذي وقع فيه التعارض بين الصدر والذيل من كلام واحد ، بل اللازم حينئذ ملاحظة الأظهر منهما وتقديمه على الظاهر منهما كما في قولك : رأيت أسدا يرمي ، ولو سلّم جواز إعمالها في الكلام الواحد ، منعناه في العلّة والمعلول ؛ فإنّ الظاهر عند العرف أنّ المعلول يتبع العلّة في العموم والخصوص ، فالعلّة تارة تخصّص مورده المعلول وإن كان عامّا بحسب اللفظ كما في قول القائل : لا تأكل الرمّان لأنّه حامض ، فيخصّصه بالأفراد الحامضة ، فيكون عدم التقيّد في الرمّان لغلبة الحموضة فيه ، وقد يوجب عموم المعلول فإن كان بحسب الدلالة اللفظية خاصّا كما في قول القائل : لا تشرب الأدوية التي تصفها لك النسوان ، أو إذا وصفت لك امرأة دواء فلا تشربه ؛ لأنّك لا تأمن ضرره ، فيدلّ على أنّ الحكم عامّ في كلّ

١٤٥

__________________

دواء لا يؤمن ضرره من أيّ واصف كان ، ويكون تخصيص النسوان بالذكر من بين الجهّال لنكتة خاصّة ، أو عامّة لاحظها المتكلّم ، وما نحن فيه من هذا القبيل ، فلعلّ النكتة فيه التنبيه على فسق الوليد ، فتحصّل أنّ التعارض ليس مبنيّا على كون النسبة بين المفهوم والتعليل هي العموم من وجه بل مبنيّ على أنّ التعليل يفيد عدم جواز قبول كلّ خبر يورث الندم سواء كان خبر العادل أم خبر الفاسق ، وهو أقوى من المفهوم ، فيكون الحكم له ، فلا يجوز قبول خبر العادل أيضا إذا احتمل الندم.

وإلى ما ذكرناه أشار في الغنية حيث ذكر ـ بعد حكاية الاستدلال بالآية والمنع منه بأنّه مبنيّ على دليل الخطاب وهو باطل ـ ما نصّه :

على أنّ ظاهر الآية يمنع من العمل بخبر العدل ؛ لأنّه سبحانه علّل المنع من قبول قول الفاسق بعلّة هي قائمة في خبر العدل بقوله : ( أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ) وهذه العلّة ثابتة في خبر العدل ؛ لعدم العلم بحقيقة الأمر فيه وارتفاع الثقة بصدقه فيما يرويه ، وإذا شارك الفاسق في علّة المنع وجب الوقف في خبره كالفاسق. انتهى.

فإن قلت : ليس احتمال ذكر الندم في خبر الفاسق المذكور في الآية علّة حتّى يدور الحكم مداره بل هو حكمة في النهي عن قبول قول الفاسق ، فلا يسري إلى القول العادل.

قلت : لا ريب أنّ قوله تعالى : ( أَنْ تُصِيبُوا) ممّا حذف فيه الصدر المعلّل به الحكم مثل مخافة أو كراهة وأقيم ما أضيف إليه مقامه وهو ظاهر بل نصّ في التعليل ، فلا يجوز العدول عنه إلاّ بدليل.

ثمّ إنّها لو تنزّلنا عن كون التعليل أقوى من المفهوم ، فلا أقلّ من المساواة ، فيتعارضان ولا معوّل إلاّ أصالة حرمة العمل بالظنّ ، فلا تفيد الآية اعتبار خبر العادل المفيد للظنّ ، وقد يختصّ حكم الآية بالتحرّز عن الندم بخصوص الخبر الموجب له ، أم يجري في كلّ ما أوجبه وإن لم يكن خبرا؟

الوجه هو الثاني ؛ لظهوره في العموم ، فيندرج فيه مثل الشهرة والإجماع المنقول وغير ذلك من الأمارات الظنّية فيكون مؤدّى الآية الكريمة مؤدّى قوله تعالى : ( وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ [ عِلْمٌ ].)

فإن قلت : المشهور جواز تخصيص العامّ بمفهوم المخالفة وهو المختار عندكم ، وإذا كان التعليل

١٤٦

الثالث من وجوه تقرير الإجماع على حجّية أخبار الآحاد هو أنّ العقلاء بأجمعهم قد أجمعوا على الاتّكال بالخبر الواحد في أمور معادهم ومعاشهم وإن لم يكن محفوفا بقرائن الصدق بل إنّما وجدنا بعد الرجوع إلى طريقتهم والعثور على شريعتهم أنّ جبلّة كلّ عاقل لو خلّي وطبعه يقضي بذلك حتّى أنّ الزوجة ترجع في أخذ أحكامها إلى زوجها ، والصبيان إلى معلّميهم ، وليس ذلك من حيث عدم مبالاتهم بل هو قضية ما أودعه الله فيهم من السليقة القويمة والطريقة المستقيمة ، كيف ولولاه لاختلّ أمور دينهم ودنياهم ، ولم يعتمد أوّلهم على آخرهم (١).

لا يقال : إنكار جماعة من العقلاء جواز التعبّد به ينافي ما ذكر من إطباقهم على

__________________

أعمّ مطلقا من المفهوم ، كان اللازم تخصيص عموم عدم جواز قبول النبأ الموجب للندم من حيث كونه أعمّ من نبأ الفاسق ونبأ العادل الظنّيين بالمفهوم الذي مقتضاه جواز قبول نبأ العادل وعدم وجوب التبيّن فيه ، وحينئذ فلا يبقى تحت عموم التعليل سوى النهي عن قبول نبأ الفاسق الظنّي من دون تبيين.

قلت : يندفع هذا السؤال بنظير ما ذكرناه في العامّين من وجه ، وكأنّه مبنيّ على الغفلة عن ذلك.

وتوضيح ذلك : أنّ البحث عن جواز تخصيص العامّ بمفهوم المخالفة وجملته من مباحث التخصيص كمبحث ورود العامّ والخاصّ إذا تنافى ظاهرهما ناظرة إلى المخصّصات المنفصلة بأن يكون هناك دليلان متعارضان أحدهما عامّ والآخر خاصّ ، وأمّا ما لو كان أحد جزءي الكلام عامّا والآخر خاصّا ، فهو خارج عن المباحث المذكورة ، وإنّما هو مندرج في مبحث تعارض الأحوال المعتورة على كلام واحد مثل ما لو دار أمره بين ارتكاب التخصيص فيه أو المجاز أو غير ذلك من الأمور المذكورة في بابه ، فإذا عارض أحد جزءي الكلام الآخر ، كان المناط فيه تحرّي الأظهر منهما وتقديمه على الظاهر سواء كان هو الصدر أو الذيل ، ولا ريب أنّ التعليل أقوى من سائر أجزاء الكلام بحكم أهل التعارف قاطبة ، فيقدّم على غيره عامّا كان أو خاصّا ولو سلّمنا كون النزاع في مبحث تخصيص العامّ بمفهوم المخالفة.

(١) « ل » : أولاهم لأخراهم.

١٤٧

العمل به كما هو المحكي عن ابن قبة (١) وتابعيه.

لأنّا نقول : إنكارهم ذلك مستند (٢) إلى شبهة حصلت لهم ، قاضية بذلك بزعمهم ولا ينافي ذلك اعتمادهم عليه من حيث رجوعهم إلى ديدنهم البسيطة الخالصة من شوائب الريب والشبهات كما هو الشأن في أمثال المقام من الأمور الوجدانية المتنازع فيها كالتبادر ونحوه.

فإن قلت : غاية ما يمكن أن يستفاد ممّا ذكر تقرير المعصوم عليه‌السلام على العمل بخبر الواحد حيث لا دليل على اعتبار الاتّفاق المذكور إلاّ ما قد (٣) عرفت وهو بمكان من الضعف بعد ما أسلفنا لك من الأدلّة الدالّة على حرمة العمل بما وراء العلم ، فإنّها ردع منهم عليهم‌السلام عن العمل المذكور.

قلت : قد تقدّم أنّ الأدلّة المذكورة مرجعها إلى أمرين :

أحدهما : أنّ التشريع محرّم مثل ما دلّ على عدم جواز الافتراء على الله سبحانه.

وثانيهما : أنّ طرح الأصول العملية المقطوع بها من غير علم يرتفع به موضوعها غير جائز كما هو قضية تعليقها على العلم ، وعلى التقديرين لا ينهض ردعا.

أمّا الأوّل ، فلأنّ بعد التسليم عن استقرار بناء العقلاء على شيء لا ينبغي الارتياب في انتفاء التشريع ، وأنّه يعلم طريق الإطاعة والامتثال ، فإنّه بعد ما فرضنا من أنّ هذا هو طريق امتثال العبيد بالنسبة إلى مواليهم فهو في الحقيقة محقّق لموضوع لم يكن قبل.

وأمّا الثاني ، فلأنّ البراءة والاحتياط والتخيير منها (٤) وإن كان قد ورد من الشرع ما يدلّ على اعتبارها إلاّ أنّ العمدة فيها هو حكم العقل المستقلّ القاطع بها على حسب مواردها كما سيأتي إن شاء الله ، ومن المعلوم أنّ بعد ما فرضنا من إطباقهم على ذلك لا

__________________

(١) حكى عنه المحقّق الحلّي في معارج الأصول : ٢٠٣.

(٢) « ل » : مستندة.

(٣) « ش » : ـ قد.

(٤) « ل » : منهما؟

١٤٨

وجه لجريان البراءة وأختها كما هو ظاهر.

وأمّا الاستصحاب ، فلم يدلّ دليل على اعتباره إلاّ عدّة من أخبار (١) الآحاد ، ولا سبيل إلى الاستناد إليها في مثل المقام كما لا يخفى ، وبعد الغضّ عن ذلك والتزام قطعية الأخبار الواردة فيه (٢) ـ إمّا بدعوى تواترها ، أو باحتفافها بقرائن تدلّ على صدق إسنادها إليهم عليهم‌السلام كما ادّعي ـ الإشكال في ظنّية دلالتها ، غاية ما في الباب الاستناد إلى الأصول اللفظية من أصالة الحقيقة ونحوها ، وقد عرفت أنّ المرجع فيها في الحقيقة هو بناء العقلاء ، ففي مقام استقرّ بناؤهم على أمر (٣) ـ كما هو المفروض ـ كيف يتمشّى الأخذ بأصالة الحقيقة كما لا يخفى؟

وبالجملة ، أنّا نمنع من اعتبار الأصول اللفظية فيما انعقد (٤) إطباق العقلاء على خلاف مفادها سواء كان المرجع فيها إلى حكم العقل ، أو بناء العقلاء.

ومن هنا يظهر عدم جواز التمسّك بإطلاقات الآيات الناهية عن العمل بمطلق ما وراء العلم في قبال ما ذكر.

فإن قيل : إنّ (٥) حجّية الاستصحاب لو كانت (٦) من جهة ما يحصل منه الظنّ بالمستصحب ، جاز القول بعدم اعتباره فيما انعقد بناء العقلاء على خلاف مقتضاه ، وأمّا لو كانت (٧) من جهة التعبّد به ، فلا وجه لترك الاستصحاب في قباله ؛ إذ مقتضى التعبّد اعتباره مطلقا غير مقيّد بشيء ، وذلك ظاهر فيما لو كان الظنّ على خلاف الاستصحاب ، هذا غاية ما عندنا من البيان إلاّ أنّه مع ذلك لا ينطبق على الدعوى ، ولا ينهض بتمام المدّعى ؛ فإنّ النسبة بين الدليل والمدّعى في المقام هي العموم من وجه ؛ إذ ليس بناؤهم على العمل بكلّ خبر وإن لم يكن ممّا يعتمد عليه ويوثق به ، ويخرج به

__________________

(١) « ل » : الأخبار.

(٢) « ل » : فيها.

(٣) « ل » : ـ على أمر.

(٤) « ل » : اعتقد؟

(٥) « ل » : ـ إنّ.

(٦) في النسختين : كان.

(٧) في النسختين : كان.

١٤٩

العامل من الحيرة ، كما أنّ بناءهم على العمل بكلّ ما يعتمد عليه وإن لم يكن خبرا وذلك ظاهر ، فإن أراد المستدلّ استقرار بنائهم على هذا العنوان أعني الخبر ، فهو في محلّ المنع (١) وإن أراد أنّهم يعملون بما هو موثوق به ، فلا يتمّ التقريب.

الرابع من وجوه تقرير الإجماع هو إطباق أصحاب الأئمّة عليهم‌السلام على العمل بخبر الواحد الكاشف عن رضا رئيسهم ، وهذا ممّا لا يدانيه ريب بعد ملاحظة حالاتهم المنقولة والتتبّع في كلمات أصحابنا الرجاليّين ، وقرّر العلاّمة هذا الإجماع في النهاية على ما حكي بإجماع أصحاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولعلّه ينظر إلى دفع مقالة من لا يتعبّد بخبر الواحد من العامّة ، وإلاّ فلا يستقيم وجها للمدّعى لعين ما يراه المرتضى على الهدى بعد اعتراضه على نفسه بمثل ما ذكر (٢) من أنّ العمل من الأخيار (٣) منهم بالأخبار غير معلوم ، ولا عبرة بعمل غيرهم من المتّفقين للأمارة ، والمتكلّفين للخلافة ، الذين ما كان لأحدهم أن يردعهم كما يظهر من الأمثلة الواردة في النهاية للمقام.

اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ الردع لطف ، وإظهار الحقّ لطف آخر ، وعدم ارتداعهم بذلك غير مضرّ في مقام الإظهار ، فسكوت الحجّة عن عملهم وعدم إظهار بطلان الطريقة المذكورة من العمل بخبر الواحد يدلّ على رضاه بالعمل المذكور ولا غبار عليه.

ثمّ اعلم : أنّ الأدلّة المذكورة كتابا وسنّة وإجماعا مختلفة المفاد حيث إنّ برهة منها تدلّ على أنّ العبرة بخبر الواحد ، وجملة منها (٤) يظهر منها الاعتماد على الوثاقة ، وفرقة يكشف عنها الاتّكال على المظنّة كما أنّ فتاوى المجمعين أيضا تحتمل وجوها ، فمنهم من يحتمل اعتماده على عنوان الخبر ولو عن فاسق كما هو المنسوب إلى الحشوية ، ومنهم من يعتبر اشتهار الرواية وضبطها في الأصول المشهورة ، ومنهم من يقتصر على الأخبار الموثوق بها ، ومنهم من يتجاوز عن ذلك إلى الأخبار المظنون صدورها ،

__________________

(١) « ش » : من المنع.

(٢) « ل » : ذكرنا.

(٣) « ش » : عمل الأخيار.

(٤) « ش » : ـ منها.

١٥٠

ومنهم من يشترط في قبول الرواية عدالة راويها ، ومنهم من يعمل بالأخبار المروية المسموعة عنهم عليهم‌السلام شفاها ولا يبالون بترك المكاتبات إلى غير ذلك من الوجوه والاحتمالات.

ثمّ إن كان بعض هذه الوجوه أخصّ مطلقا من بعض ، فالمتيقّن هو الخاصّ كما في من يشترط الوثاقة ومن يعتبر المظنّة ، فإنّ القول بالوثاقة هو القدر المتيقّن وإن كان أعمّ وأخصّ من وجه ، فالمتيقّن من الوجوه المحتملة هو مورد الاجتماع كما فيمن يقول بالعدالة ، ومن يعتمد على الأخبار الشفاهية ، فإنّ القول بالخبر العدل المروي شفاها متيقّن ، وأمّا مورد الافتراق ، فلا ، فالقدر المتيقّن المعلوم اعتباره وحجّيته من الأدلّة المعهودة هو (١) الخبر الجامع لجميع القيود المذكورة ، و (٢) على تقدير وجوده ، فلا شكّ في قلّته.

هذا ما اقتضاه النظر الجليّ ، وأمّا النظر الدقيق ، فما اقتضاه القول باعتبار الخبر الموثوق به الذي يحصل منه الاطمئنان ، فإنّ آية النبأ الآمرة بالتبيّن عن خبر الفاسق تقيّد الآيات المطلقة كآيتي النفر والكتمان ، فإنّ التبيّن على ما مرّ ظاهر في التبيّن العرفي سيّما بعد ملاحظة إقرانه بما يوجب الحمل عليه وإن كان بحسب اللغة حقيقة في خصوص العلم.

وتوضيح المقال بأن يقال : يحتمل أن يكون المراد بالتبيّن طلب العلم بحقيقة الحال في خبر الفاسق على أن يكون المناط في الحكم هو العلم من غير اعتماد على إخبار الفاسق له بعد ظهور صدقه وعدم خفاء مدلول خبره كما هو الظاهر من لفظه عند تجرّده عمّا يوجب حمله على خلافه ، وحينئذ يتّجه القول باعتبار العدالة تعبّدا ، ويحتمل أن يكون المراد به هو التبيّن العرفي بحيث يعدّ في العرف تبيّنا بأن يكون المناط هو وثاقة الخبر كما هو الظاهر في خصوص المقام ؛ للزوم حمل الخطابات على متفاهم

__________________

(١) « ل » : وهو.

(٢) « ل » : ـ و.

١٥١

العرف ، وكثيرا ما يستعمل لفظ التبيّن عند العرف ويراد به الظهور وعدم الخفاء ، ولا نعني بالوثاقة إلاّ هذا المعنى ، مع أنّ التعليل المذكور في الآية ـ وهو خوف إصابة القوم بجهالة والإصباح على الندامة ـ ممّا يرتفع به نقاب الشكّ عن وجه المطلوب حيث لا خوف مع حصول الوثاقة ، ولو رام الخصم دفع هذا الاحتمال رأسا بأن يلتزم بلزوم تحصيل العلم بانتفاء خوف الإصابة ، يلزمه (١) عدم اعتبار خبر العادل أيضا ؛ فإنّ طريق احتمال خوف الإصابة والندامة لا ينسدّ بالعدالة ، فيناقض صدر الآية الدالّة على اعتبار خبر العادل ذيلها (٢) لما عرفت ، فمقتضى الجمع هو حمل التبيّن على التبيّن العرفي كما ذكرنا.

فظهر ممّا ذكر تقييد الآية المذكورة بحصول الوثاقة ، فلا بدّ من حمل مطلقات الآيات على مقيّداتها كما هو الشأن في غيرها من الأدلّة المطلقة مع المقيّدة. هذا هو الكلام في الآيات.

وأمّا الأخبار ، فالمستفاد منها حقيقة هو الاعتماد على الخبر الموثوق به وإن لم يكن من عادل ، فإنّ جملة منها وإن كانت مطلقة إلاّ أنّ بعضها كما مرّ مقيّدة بالوثاقة ، فيقيّد مطلقها ، وإذ قد عرفت عدم اعتبار العدالة تعبّدا ، فلا سبيل إلى تقييد مطلقاتها بالعدالة.

وأمّا الإجماع ، فالإنصاف انعقاده على مطلق الخبر الموثوق به على وجه تسكن إليه النفس ، ولا يحتاج في تحصيل هذا الإجماع إلى ضمّ فتاوى جماعة يعتبرون العدالة ، فإنّ الرجوع إلى أحوال أصحاب الأئمّة وكلمات أصحاب الرجال وملاحظة ما يستفاد من مطاوي عبائرهم كاف في التحصيل (٣) غاية الكفاية.

فإن قلت : هذا مناف لما انعقد عليه إجماعهم من اشتراط قبول خبر الواحد

__________________

(١) « ل » : ـ بلزوم تحصيل ... يلزمه.

(٢) « ل » : وذيلها.

(٣) « ل » : تحصيله.

١٥٢

بالعدالة على ما ادّعاه جماعة.

قلنا : أمّا شيخنا أبو جعفر الطوسي قدس‌سره القدوسي فقد فسّر العدالة بالتحرّز عن الكذب (١) ، وهذا المعنى ممّا لا ريب في اشتراطه ، ولا يضرّ لما نحن بصدده ، وأمّا من فسّرها بالملكة أو بغيرها ممّا ينافي ما ذكرنا ، فالتحقيق أنّه ناش من اجتهادهم في آية النبأ ، وذهابهم إلى أنّ المراد من التبيّن هو التحقّق والتثبّت العلمي ، وبعد ما عرفت من فساد المبنى ، فلا وجه للاتّكال على البناء ، مع أنّه يمكن أن يقال : إنّ شرط العمل بخبر الواحد في نفسه ـ مع (٢) قطع النظر عمّا يوجب الوثاقة من القرائن الخارجية والاكتفاء بالقرائن الداخلية ـ العدالة كما هو صريح المحقّق في المعتبر (٣) ، وليس ما قلنا حديثا مستحدثا أخبرناه من عند أنفسنا بل هذا هو بعينه ما اعتمد عليه القدماء من أصحابنا الإمامية من الأخبار الموثوق بها على ما صرّح به جماعة من أنّ الصحيح عندهم ليس على مصطلح المتأخّرين بل كلّ ما كان معمولا عند الأصحاب ، مقبولا لديهم ـ ولو باكتنافه بالقرائن المفيدة لذلك ـ فهو صحيح عندهم.

وأمّا المتأخّرون من أصحابنا أيضا اضطرّوا إلى تقسيم الأخبار إلى الأقسام الأربعة المعهودة بعد اختفاء القرائن المكتنفة بها ؛ تحصيلا لما يمكن استناد الوثوق إليها ، ولم يبق لنا قرينة تدلّ على الوثاقة إلاّ ما دوّنوها أصحابنا الرجاليين (٤) في تراجمة رواة الأخبار ، وما تكرّر من مضامين جملة من الآثار في الكتب المتداولة وسوى ما يوجّه من انطباق الخبر بعمل الأصحاب ، فجزاهم الله عن الإسلام خير الجزاء ، فلولا

__________________

(١) قال في العدّة ١ : ١٥٢ : فأمّا من كان مخطئا في بعض الأفعال أو فاسقا بأفعال الجوارح وكان ثقة في روايته متحرّزا فيها ، فإنّ ذلك لا يوجب ردّ خبره ، ويجوز العمل به ؛ لأنّ العدالة المطلوبة في الرواية حاصلة فيه ، وإنّما الفسق بأفعال الجوارح يمنع من قبول شهادته ، وليس بمانع من قبول خبره. ولأجل ذلك قبلت الطائفة أخبار جماعة هذه صفتهم.

(٢) « ش » : ومع.

(٣) انظر المعتبر ١ : ٢٩.

(٤) منصوب بالتخصيص.

١٥٣

تدوينهم أحوال رجال الرواية وما نصّهم الأخبار الموجبة للهداية ، وتصنيفهم الكتب الفقهية المورثة للدراية ، لاندرست آثار الشريعة.

وبالجملة ، بعد ملاحظة الآيات المذكورة ، والأخبار المسطورة والإجماعات المحكيّة ، عن الشيخ (١) وابن طاوس (٢) والعلاّمة (٣) لنا (٤) يحصل القطع ـ بحيث لا يشوبه ريب ، ولا يدانيه شكّ ـ برضا المعصوم عليه‌السلام على العمل بالأخبار الموثّقة المعمولة المقبولة التي تسكن النفس لدى العمل بها ولو من فاسق بل وكافر ، ولا ينبغي الجمود على ظاهر العدالة بعد ما قرّرنا من أنّها تكشف عن وثاقة الرواية.

قال الأستاذ دام ظلّه : ولست أوّل من اخترع هذا المذهب ، فإنّه بعينه هو المنقول من (٥) القدماء ، فهذا شيخنا البهائي قد أورد في مشرق الشمسين (٦) على ما حكاه المحقّق الثالث رحمه‌الله عنه ما فيه غنية عن غيره ، فراجعه.

وقد يستدلّ للقول باشتراط العدالة بوجوه :

منها : ظاهر آية النبأ وقد مرّ وجه التقريب والمناقشة.

ومنها : الإجماعات المنقولة في جملة من (٧) كلمات أساطين الفنّ وقد مرّت (٨) الإشارة إليها بجوابها.

ومنها : جملة من الأخبار المأثورة في الباب ، وبرهة من الآثار المسطورة في أحوال الأصحاب مثل ما روي عنهم عليهم‌السلام بعد ما سئل عنهم : « خذوا [ بـ ] ـما رووا وذروا ما رأوا » (٩) فإنّه بظاهره يعطي اشتراط العدالة ، وإلاّ فلا وجه للسؤال كما لا يخفى.

__________________

(١) العدّة ١ : ١٢٦.

(٢) فرج المهموم : ٤٢.

(٣) قاله في نهاية الوصول كما عنه في المعالم : ١٩١ ؛ الوافية : ١٥٩ ؛ فرائد الأصول ١ : ٣٣٣.

(٤) « ل » : ـ لنا.

(٥) « ل » : عن.

(٦) انظر مشرق الشمسين : ٢٦.

(٧) « ش » : ـ من.

(٨) « ش » : مرّ.

(٩) الوسائل ٢٧ : ١٠٢ و ١٤٢ ، باب ٨ و ١١ من أبواب صفات القاضي ، ح ٧٩ و ١٣. وسيأتي في ـ ص ٢١١.

١٥٤

وما نقل في ترجمة إبراهيم بن عبد الحميد من أنّه لم يعتمد عليه بعض مشايخ أصحابنا معلّلا بأنّه لم يرو عن الرضا عليه‌السلام مع إدراكه الصحبة (١) إلى غير ذلك من الوجوه الغير الخفية على المتتبّع إلاّ أنّ الظاهر منها هو بيان طريق الوثاقة والاجتهاد فيه ، مع أنّ الرواية يمكن قلبها عليهم حيث أمر بالأخذ بروايتهم مع ظهور فسقهم مضافا إلى ما ادّعيناه من (٢) الإجماع.

وبالجملة ، فالأمارات وإن تعارضت من الطرفين إلاّ أنّ المتدبّر المتفطّن المتدرّب بالأخبار وأحوال الرجال وفقه أصحابنا الأخيار يظهر له ما قلنا كما يكشف عنه ما ورد في بعض الأخبار العلاجية (٣) من الأمر بالأخذ بما قال به أوثق الراويين ، فتدبّر في المقام ؛ فإنّه من (٤) مزال الأقدام ، ومهابط الأوهام ، ومطارح الأفهام ، وعليك بالإنصاف ، وترك الاعتساف في تحصيل الوثاقة التي اعتبرناها ، فإنّها بعد إمعان النظر ممّا لا يقبل الإنكار ، فإنّ أكثر الأخبار المودعة في كتب أصحابنا ممّا تركن النفس إليه من جهة صدوره من الإمام ، واحتمال السهو والنسيان والإرسال ممّا يندفع بالأصول المتّفق عليها ، ولا يضرّ في تحصيل الوثاقة على ما لا يخفى.

هذا تمام الكلام في الآيات والأخبار والإجماع.

وأمّا العقل ، فقد يقال : إنّه تارة يحكم باعتبار أخبار الآحاد بالخصوص ، وأخرى يحكم بعنوان كلّي كالظنّ مثلا وهو يشمل بعمومه أخبار الآحاد أيضا ، فلنذكر كلاّ منهما في مقام خاصّ به.

المقام الأوّل في بيان الأدلّة التي تدلّ على حجّية أخبار الآحاد بالخصوص :

__________________

(١) « ش » : لصحبته.

(٢) « ل » : مع؟

(٣) مستدرك الوسائل ١٧ : ٣٠٣ ، باب ٩ من أبواب صفات القاضي ، ح ٢ ؛ بحار الأنوار ٢ : ٢٤٥ ، باب ٢٩ ، ح ٥٧.

(٤) « ل » : ـ من.

١٥٥

فمنها : أنّا بعد ما وجدنا وثاقة رواة الأخبار واجتهادهم في تصحيح الآثار مع وفور علمهم وكثرة ورعهم وزيادة حذاقتهم ، علمنا علما ضروريا ـ لا ريب يدانيه ، ولا شكّ يعتريه ـ بصدور جملة كثيرة من الأخبار المودعة في كتب أصحابنا مثلا من معادن الوحي ومهابط التنزيل.

وكفاك شاهدا في المقام مراجعة ما قيل في بعض مشايخ الرواية وهو العيّاشي صاحب التفسير من بذله ثلاثمائة ألف دينار في تنقيح الأخبار ، فكان بيته كالمسجد بين قار أو كاتب ومقابل ومصحّح ، وكيف لا مع أنّا لو حاولنا كتابة كتاب يشتمل (١) على أحوال معاصرينا ـ وإن لم يرتبط بأمر ديني ـ نبذل الجهد في تنقيحها وتحصيل ما هو الواقع من حالهم والاحتراز عن الأكاذيب بل عمّا لا نثق به ، ولا نعتمد عليه ، ولعمري إنّ مؤلّفي كتب الأخبار لا يقصر حالهم عن أصحاب النقل ، وأرباب التواريخ وأئمّة اللغة ، فكما أنّا نعتمد عليهم في نقلهم ، ويحصل لنا العلم بل القطع بمطابقة جملة ما ألّفوها ، فكذا يحصل لنا العلم في المقام بصدور جملة من الأخبار ولو بألفاظ مترادفة تفيد مفادها من مخازن العلم ، وبعد إحراز هذا الموضوع نقول : يجب العمل بما علمنا أنّه قول المعصوم من أمر أو نهي مثلا ، فإن علمناه بخصوصه ، فهو ، وإلاّ فلا بدّ إمّا (٢) من العمل بجميع المحتملات عند إمكان الاحتياط ، أو تعيين القول الصادر بطريق ظنّي لقضاء العقل القاطع به وهو المطلوب.

وفيه أوّلا : أعمّية الدليل عن المدّعى ، فهو في الحقيقة ينهض على المقام الثاني ؛ فإنّ مناط وجوب العمل بقول المعصوم ليس هو قوله من حيث قوله بل من جهة كشفه عن الواقع ، ومع التنزّل ، فالعبرة بمطلق رضائه ونحن نعلم علما إجماليا بمطابقة جملة من الأمارات الظنّية كالإجماع المنقول والشهرة وعدم الخلاف ونحوها للواقع ، فيلزم رضا المعصوم به ، فالدليل المذكور لو تمّ ، يدلّ على اعتبار مطلق الأمارات الظنّية حيث

__________________

(١) « ل » : يشمل.

(٢) « ل » : ـ إمّا.

١٥٦

ما عرفت من تنقيح مناطه وحصوله في غير المدّعى أيضا.

لا يقال : حصول العلم بمطابقة بعض مضامين الشهرات مثلا ممنوع ، فلا يستقيم دفعا.

لأنّا نقول : بعد الإغماض عن ادّعاء حصول العلم فيها إذ كما أنّ الأخبار حكايات عن الواقع ، فالشهرات أيضا كذلك ، فلا أقلّ من حصول العلم بانضمام أمارة ظنّية أخرى كالإجماع المنقول إليها.

ولو سلّمنا عدم حصول العلم بانضمام الأمارات جميعها إليها ، فلا أقلّ من حصول العلم بانضمام الأخبار إليها ، وليس ذلك من جهة انضمام الأخبار إليها بحيث لم يكن لها مدخل في حصول العلم كما قد يتوهّم بل يحصل العلم بملاحظتها أيضا.

وممّا يدلّك على ذلك أنّه لو ضمّ إليها صنف من الأخبار كالضعاف مثلا بحيث لم يحصل فيه العلم بملاحظة نفسه ، يحصل العلم بمطابقة جملة مردّدة بملاحظة (١) المضموم والمضموم إليه بالواقع على ما لا يخفى.

وبالجملة ، فالمناط في لزوم العمل بالخبر هو كشف الواقع مع اقترانه برضا المعصوم ، والعلم المدّعى بمطابقة جملة من الأخبار بالواقع أيضا حاصل في غيرها من الأمارات ، فلا وجه لتخصيص الدعوى بها دون غيرها بعد قضاء البرهان في غيرها أيضا.

وثانيا : سلّمنا عدم حصول العلم في غيرها من الأمارات ولو بانضمامها إليها ـ كما هو المفروض سابقا ـ لكنّ الدليل مع ذلك يعمّ غير المدّعى ؛ فإنّ المدّعى اعتبار الأخبار المظنون صدورها ، وبعد ما عرفت من أنّ مناط الدليل هو مطابقة الواقع ، يلزم القول باعتبار الخبر الموهوم صدوره فيما لو طابق أمارة ظنّية كاشفة عن الواقع مثل انجباره بالشهرة ، أو بالإجماع المنقول وغير ذلك ، فإنّه حينئذ مفاده ظنّي يورث

__________________

(١) « ش » : بين.

١٥٧

الظنّ بالواقع مع وهم سنده وصدوره ، لكنّه يلزم العمل به بمقتضى الدليل المذكور.

اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ مطابقة (١) مضمون الخبر بأمارة ظنّية ، وانجباره بها مثلا (٢) يوجب الظنّ بصدور الخبر ولو بلفظ يؤدّي مؤدّاه ، فالموهوم هو صدور تلك الألفاظ الخاصّة وهو لا ينافي ظنّية صدور مرادفاتها ، فيصدق عليه أنّه خبر مظنون الصدور ولو بلفظ مرادفه كما لو (٣) أخبر من لا يظنّ بصدقه من إمام بأنّه قال مثلا : الهرّة طاهر ، وكان موافقا لما عليه الأصحاب ، يظنّ بصدوره عن (٤) المعصوم ولو بلفظ آخر كالسنّور ونحوه.

وثالثا : إنّ الدليل أخصّ من المدّعى ، فإنّ قاعدة الشغل يقضي بوجوب العمل بالأخبار المثبتة للتكليف.

وأمّا الأخبار النافية له كقوله عليه‌السلام : « الناس في سعة ما لم يعلموا » (٥) وما يدلّ على عدم لزوم الاجتناب عن المباحات العقلية والأخبار النافية لأجزاء الماهية (٦) وشروطها بخصوصها أو عمومها ، فلا دلالة في الاحتياط على لزوم العمل بها والاستناد إليها بل ومقتضى الاحتياط (٧) ترك العمل بها (٨) مثلا قوله : « كلّ شيء مطلق » (٩) قد دلّ بعمومه على نفي العقاب في شرب التتن عند فقد نصّ فيه بالخصوص أو مع وجوده ، وإجمال الدلالة والاحتياط لا يقضي بالأخذ بل ربّما كان الاحتياط على خلافه وترك الشرب

__________________

(١) « ل » : مطابقته؟

(٢) « ش » : مثلا بها.

(٣) « ل » : ـ لو.

(٤) « ش » : من.

(٥) مستدرك الوسائل ١٨ : ٢٠ ، باب ١٢ من أبواب مقدّمات الحدود ، ح ٤ عن عوالى اللآلى. وسيأتي في ص ٣٥٥ و ٥٢٨ و ٥٨٦.

(٦) « ش » : الماهيات.

(٧) في هامش « ل » : المراد بهذا الاحتياط هو الاحتياط في المسألة الفرعية.

(٨) « ل » : به؟

(٩) الوسائل ٦ : ٢٨٩ ، باب ١٩ من أبواب القنوت ، ح ٢ ، و ٢٧ : ١٧٣ ـ ١٧٤ ، باب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، ح ٦٧.

١٥٨

والإتيان بالمحتملات في مقام الشكّ في الشرط أو الجزء مثلا.

لا يقال : يمكن إتمام الدليل والتقريب بعدم القائل بالفرق وانتفاء القول بالفصل.

لأنّا نقول : الاستناد إلى مثل ذلك إنّما يصحّ فيما لو احتملنا اتّحاد طريق الحكم في طرفي الإجماع ، وأمّا فيما لو علمنا باختلاف جهتي الحكم في طرفي الإجماع ، فلا وجه للاستناد إليه.

وبالجملة ، فالإجماع المركّب إنّما يكشف عن اتّحاد علّة الحكم فيما إذا كان الحكم توقيفيا موقوفا على بيان الشارع ، وأمّا بعد ما فرضنا من العلم بعدم وجود شيء يجمعهما فلا.

ومنها : ما استند إليها الفاضل الكامل الملاّ عبد الله التوني في محكيّ الوافية (١) بعد ذهابه إلى اعتبار الأخبار المودعة في الكتب المعتبرة المعمولة عند جماعة بحيث يخرج عن وصف الشذوذ من (٢) أنّا نعلم علما ضروريا بكوننا مكلّفين بأصول كلّية ضرورية كالصلاة والزكاة والصوم وغيرها من العبادات والأحكام والعقود والإيقاعات مثلا ، ونعلم علما إجماليا بأنّ بيانات أجزاء تلك الأصول والكلّيات وشرائطها إنّما اشتملت عليها جملة من أخبار (٣) الآحاد وحيث لا نعلمها بالخصوص فلا بدّ من العمل بالأخبار في بيان تلك الحقائق ، وإلاّ لخرجت عن كونها تلك الحقائق ، بل ولا محيص عن ذلك ، فإن كان من ينكره باللسان فقلبه مطمئن بالإيمان.

ويرد عليه أنّ الدليل يعمّ الدعوى في وجه ، ويخصّها في وجه آخر ، فلا يتمّ التقريب.

أمّا أوّلا ، فلأنّ تلك الحقائق الكلّية إمّا أن تكون مجملة أو مطلقة ، ولا يكاد يشتبه الفرق بينهما عند أولي الأنظار المستقيمة ، فإنّها على الثاني تستقيم دفعا لبعض

__________________

(١) الوافية : ١٥٩.

(٢) « ل » : ـ من.

(٣) « ش » : الأخبار.

١٥٩

المحتملات أخذا بالإطلاق بعد إحراز ما هو المتيقّن اعتباره فيها بخلاف الأوّل ، فلا ينهض برفع جزء محتمل ، أو شرط مردّد حيث إنّها من أصلها غير معلومة المراد على هذا التقدير ، فلا مناص من الإتيان بجميع المحتملات ، وذلك على حذو قولهم فيما لو قلنا بأنّ أسامي العبادات إنّما هي للصحيحة ، أو قلنا بأنّها للأعمّ لكن كثرة المخصّصات والمقيّدات قد أجملها (١) ، فلا ينهض بإطلاقه في دفع المحتملات في غير المتيقّن.

وبالجملة ، فلو كانت تلك الحقائق مجملات ، فلا بدّ إمّا من الإتيان بجميع ما يحتمل كونه شرطا ، أو جزءا في بيان تلك الماهيات المجملة الثابتة بالضرورة لو قلنا بأنّ المعتمد بعد عدم التمكّن من الوصول إلى حقائق أجزاء تلك الحقائق وشروطها هو الاحتياط ، ولا فرق في ذلك في نظر العقل بين الأمارات من (٢) حيث إنّ اعتبار الأخبار أوّل المدّعى ، فلو احتملنا من الشهرة جزئية شيء لحقيقة الصلاة المجملة ، نقول بلزوم الإتيان به إلى غير ذلك من الموارد ، فلا وجه لتخصيص الاعتبار على هذا التقدير بالأخبار بعد جريان الدليل في غيرها أيضا كما أنّه لا وجه للتخصيص المذكور لو قلنا بأنّ المرجع في بيان المجمل في الفرض المذكور على الأجزاء المظنونة ؛ إذ لا فرق أيضا في نظر العقل بين الأمارات الظنّية فالقول باعتبار بعضها دون غيره مع اتّحاد المناط في الكلّ ممّا لا يصغى إليه ، ولو كانت الحقائق الثابتة بالضرورة مطلقة مع العلم بأنّ جملة من شرائطها وأجزائها تشتمل عليها الأخبار ، فليعمل في إحراز الشرائط والأجزاء بصنف (٣) خاصّ من الخبر مع دفع المحتملات الأخر بأصالة الإطلاق ، أو أصالة البراءة على القول بها.

فإن قلت : وبعد ذلك يعلم أيضا بوجود التقييدات في صنف آخر غير ما علمنا به ،

__________________

(١) في هامش « ل » : بل ربّما يحكم بالإجمال العرضي أيضا على هذا التقدير لأجل ورود المطلقات في مورد الحكم الآخر.

(٢) « ش » : ـ من.

(٣) « ل » : لصنف.

١٦٠